قد نتوقف لوهلة عن تصديق ما يقال لنا حول ما يجب أن نكون، وكيف يجب أن نتجه نحو هذا الطريق لأن فيه فهماً أفضل لذواتنا، وأن ذلك المسار هو الأمثل لتحقيق النجاح في حياتنا!

لكن لا يمكن أن نُوقِف أنفسنا عن مطالبتها الدائمة بأن نكون اِستثنائيين، سواء كان ذلك بشكل فردي أو من خلال إنسجامنا مع منظومة تجعلنا قادرين على الظهور بكيان ثابت ناجح غير مرتبك في سبيل تحقيق هذه الاستثنائية.

يتحدث ماكسويل بعد خبرةٍ طويلة في التنمية الذاتية للنفس البشرية في كتابه "الموهبة وحدها لا تكفي أبداً" Talent is Never Enough حول الموهبة فـ مهما بلغت قوتها وعظمتها في دعم حياتك إلا أنها ليست كافية لتحقيق ذلك الهدف وإظهار أنفسنا بالشكل الاستثنائي الذي نريده دون العمل على العديد من المهارات الأخرى والتي يشملها الكاتب في ثلاثة عشر مهارة يتعرض لكل واحدة منها بشكل مفصل خلال الكتاب كالثقة والشغف والتركيز وكيف يمكن تطويعهم في دعم موهبتك نحو الطريق المقصود.

الكتاب غنيّ جداً حيث يترك لك ماكسويل قدراً وافياً من القصص الحقيقية والتجارب لأشخاص عدّة نجحوا بالعمل الجاد دون موهبة وقد وصل بهم الأمر لأن يكونوا اِستثانئيين ويصنعوا الفارق في تاريخ البشرية، كما أنه هناك جانب تطبيقي في الفصل الأخير قادر على جعلك تفكر وتنقل هذه المسؤولية لنفسك لأي مدى يجب أن تعمل وتجتهد لمحو شعور العادية الذي من الممكن أن يستوطن النفس من وقتٍ إلى آخر.

أكملتُ قراءة هذا الكتاب وفكرة تَأخذني وأخرى تُعيديني حول قناعات كانت شبه ثابتة في أن الموهوبون لهم الحصة الأكبر والأسرع في هذا العالم من النجاح والثراء والتحكم بمقاييس حياتهم وتوجيهها حسبها يرودون لتحقيق النتائج المبهرة.

ثم تغيرت هذه القناعات وجعلتني أؤمن بضرورة تحرك الجميع للعمل وأننا في مرحلة ما نستطيع أن نفعل الكثير فقط بالعمل الجاد والتركيز ووضع أهداف محددة وواضحة لحياتنا، فكل إنسان قادر على التعبير هو بالفعل يمتلك موهبة.

لكن لا يمكننا إنكار وجود أمثلة واقعية ضمن العالم نجحت بفضل الموهبة بدرجة أولى وبشكلٍ سريع في عدة مجالات.

لذا بقي السؤال الأهم والذي بقي برفقتي طوال قراءتي للكتاب وهو أحقاً الموهبة تغني صاحبها عن العمل الجاد والدؤوب؟ أم أن العمل الجاد هو من يصنع الموهبة والتي يمكن أن تخرج من خلال التجارب والخبرات؟