و إذا بي بخطيب الجمعة لهذا اليوم ( بعدَ أن حذّر من فتنة النّساء و أنّهن سبب الفساد في المجتمع ) يروي حكاية ً ذات مقصدِ " كما تدين تدان " ، عن شابّ سافر للتجارة و ترك أباه مع أخته و أوكلَ لأحد النّاس التكفّل بأمورهما، هذا الأخير أغوته نفسه في يوم من الأيام و قـبَّل تلك الفتاة.. بعد أن رجع الأخ سأله أبوه هل قمتَ بشيء سيءٍ فأنكرَ فأصرّ عليه الأب إلى أن اعترفَ بأنّه قبّلَ فتاة ما.

و في سياقٍ آخر جاء في حديثه " أنَّ من يرفع صوته في المسجد تتناقص حسناته " و أشارَ بهذا المفهوم لجميع الأعمال السّيئة و الحسنة و " اللّبيب بالإشارة يفهم " .

عندما تقومُ بشيءٍ جيّد فهذا لأنّه شيء جيّد.. عندما تساعدُ كفيفاً على عبور الطّريق فأنتَ تقوم بهذا لأنّه خيرٌ و منفعةٌ للنّاس و يمنحكَ شعورا جيّدا تجاه نفسك، و لا تنتظرُ جزاءً مقابلا لذلك.

عندما تُعرِضُ عن معاكسة الفتيات في الشّارع أو التحرّش بهن، فهذا لأنّ ذلك الأمر سيّء وغيرُ مقبول ومضرّ بغيرك، وليسَ لأنّهم سيتحرّشون بأختك لو تحرّشتَ بأختِ أحدهم.

هذا الخطاب الّديني يصوّر الأعمال الجيّدة كأنّها تجارة بفائدة و السّيئة تجارة خاسرة.. يعني لو غابَ مفهوم الحسنات و السّيئات و الجزاء و العقاب فباستعمال هذا التصوّر ستَنتفي شروط العمل لمن كان يتاجرُ من أجل فوائد و سيقوم بأشياء سيّئة طالما ليسَ هناكَ عقاب.

مفهوم الحسنات والسّيئات والجزاء والعقاب جاء لحثّ النّاس على فعل الخير و إبعادهم قدر الإمكان عن الأعمال السّيئة و ليسَ كقاعدة تجارية مبنيّة على مصالح شخصيّة.

هاته المفاهيم جزء لا يتجزّأ من الدّين، نعم. لكن التّركيز عليها بشدّة سيجعل كلّ خيرٍ مجرّد أفعالٍ مزيّفة بنيّة الحصول على أجر و ليسَ من أجل مفهوم الخير بحدّ ذاته.. و الابتعاد عن فعل الشّر ليس لأنّه شرّ بل خوفاً من عقابٍ منتظر.

  • رأي شخصي.