عُرف الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور بفلسفته التشاؤمية تجاه الحياة، فهو يرى أن الحياة شر كبير، و وجد أن الألم و المعاناة هما القاعدة في حين أن السعادة و الراحة هما الإستثناء.

درس شوبنهاور البوذية و تعمق فيها، وأعجب بنساكها، و ربما كان لهذا الأثر الكبير لنظرته إلى الحياة، حيث تنظر البوذية إلى الحياة كونها مليئة بالشرور و الشهوات التي يجب التغلب عليها و الترفع عنها.

رأى شوبنهاور أننا محكومون بدوافع داخلية من الصعب التغاضي و التغافل عنها في حياتنا، أسمى هذه الدوافع إرادة الحياة the will to life ، و هي ما تدفعنا نحو الأمام و تجعلنا نتشبث بكل ما يصب في صالح تمسكنا بالحياة، و هذا الإرادة يطغى عليها بنظره : الجنس.

استغرب من مفهوم الناس حول الحب و نفى وجود الصدفة فيه، و اعتقد أن سبب العلاقات الإنسانية هو بالنهاية يصب في صالح التكاثر فقط، حيث يًدفع الإنسان نحو الشريك الذي سيعادل من صفاته لانتاج جيل جديد ببنية جسمية قوية، و رغم أن الناس بنظره قد ينكروا هذا أو يتغافلوا عنه إلا أنه من خلاله فسر سبب العلاقات التي يكون فيها الطرفان غير سعيدين معاً باعتبار أن إرادة الحياة عي ما يطغى على العاطفة الحسية، و بهذا كذلك ربط فهم الأنسان بالكامل بدافعه الجنسي بشكل أساسي.

و في نفس السياق اعتبر الأنسان ليس سوى حيوان بائس من الوعي الذي تشكل لديه، و من خلال هذا الوعي لا يستطيع أن يخفف من شقائه إلا بطريقتين، الأولى التصرف كناسك بوذي و الترفع عن الشهوات و هذا ما قد يكون عسيراً على معظم الناس و الثانية، أن يجد الإتزان الداخلي من خلال الفن و الفلسفة فهما يسموان فوق الزمان و المكان و هما الشيئان الوحيدان الذي من الممكن أن يدفع الإنسان لفهم الإضطراب الذي تسببه إرادة العيش.

وجد شوبنهاور أن الموت لا يدعو للخوف بحد ذاته و لكن الفكرة ذاتها و التفكير فيه هو المخيف فقطـ فدعا شوبنهاور إلى الإنتحار كثيراً ، و ربما هذا من التناقض الذي عاشه حيث مات ميتة طبيعية عام 1860 م.