هل من الأَخلاقي أن يقوم الطبيب بإعطاءِ مرضاه أملاً زائفاً؟


التعليقات

قلّما يكون هناك حالات نتائجها حتميّة بالمطلق طبيّاً، لذا برأيي من واجب الطبيب فقط أن يعطي النسب الصحيحة عن المرض وتأميل المريض يتعلق بشدّة هذا المرض، لكن طالما أنك تقولين أمل زائف يعني احتمال بقائه معدوم أو قليل جداً فمن اللاأخلاقي أن يأمل الطبيب مريضه هنا، مثلاً عندما ينتشر سرطان الرئة خارج الرئتين نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات تكون 4% فقط، فمن اللاأخلاقي برأيي أن يأمل الطبيب مريضه ولا حتى أن يسوّد الحياة بوجهه أيضاً، بل عليه أن يقول له النسب التي تدل أن فرصة النجاة ضئيلة ويتمنى له الشفاء وهذا كل شيء، أمّا أن يقول له اطمئن أخي، هناك من شُفي من هذا المرض (بدون ذكر النسب) وكن واثقاً أنك ستشفى، فهذا عمل لاأخلاقي برأيي خاصةً أن المريض الذي تأمله بالشفاء وبحياة طويلة، قد لا يكون أمامه سوى بضعة شهور سيعيشها بأمل زائف أنه بصحة جيّدة.

من المفترض أن على الطبيب إخبار الحقيقة الكاملة لمريضه في ما يخص حالته فقط و هذا الفعل هو " المثالي " و " الكامل " و كل تلك الكلمات البراقة لكن في الحقيقة الأمر صعب جدا - جدا - عندما يتعلق الأمر بحالة ميؤوس منها

أخبرتني طبيبة عن حالة قابلتها و هي لامرأة مسنة مصابة بالسرطان و كل الأطباء كانوا يعرفون أنها لن تصمد طويلا و أنه حرفيا لا أمل لها و عدد أيامها معدودة و لا أحد أخبرها بهذا فقد كانت تعتقد أنه مازال هناك أمل

ردة فعلي الأولية كانت الغضب الشديد .. كنت أعتقد أن هذا هو أحقر شيء قد يقوم به طبيب اتجاه مريضه لدرجة أنني بدأت أتخيل كيف سأدخل ركضا إلى ذلك المستشفى و أقتحم غرفتها في لقطة هوليوودية لأخبرها أن عصبة الكاذبيين هؤلاء يخفون حقيقة حالتها

لكن الأمر مختلف جدا و ليس بهذا البريق و السهولة .. لا أعتقد حقا أن هناك من يملك الجرأة لقول شيء قد يصدم المرضى لو تعلق الأمر بحياتهم

هل يمكنك تخيل هذا

  • صباح الخير سيدي .. أنت ستموت قريبا و لا أمل في نجاتك ..و عليك شكري لأني نزيه و شجاع و صريح , الآن يمكنك عدم تخريب مظهري بدموعك و أتمنى منك عدم الدخول في حالة هستيريا بالصراخ و البكاء .. أشكرك على تفهمك و أتمنى لك يوما سعيدا ..

رغم أنني شخصيا لم أواجه هذه النوع من المعضلات و كل ما أضطر إلى مواجهته هي أطنان الكتب و ورقة الإمتحان اللعينة حتى الآن لكن كرأي شخصي أؤمن به فأعتقد أن إخفاء الحقيقة كليا هو أمر غير مقبول من جهة كما أن المواجهة بصراحة ليس خيارا متاحا في كل الأحيان فالأطباء بشر و لا يمكن تجاهل هذا الأساس .. قد يكون أيسر خيار هو إعطاء إجابة غير مؤكدة تماما .. أن حالته صعبة و أمر شفائه غير مؤكد .. إلخ

الأمر أشبه بوضعه أمام واقع يجعله لا يتشبث بأمل كاذب من جهة و أن لا ينصدم أو ينهار من جهة

أشكرك على إبداء رأيك الصريح، هل تطرقتي في دراستك إلى أخلاقيات الطب أم ليس بعد؟

تذكرت الآن أن هذه الحالة مرّت على عائلتي الممتدة، حيث عانت عمة من آلام شديدة ، و بمساعدة ابنها في الذهاب إلى الطبيب كشف له الطبيب أنها تعاني أوراماً سرطانية في مرحلة متقدمة جداً و لا أمل بشفائها، و أن العلاج ليس بهذه الفاعلية في هذه المرحلة. ما حصل لاحقاً هو أن ابنها أخفى الحقيقة عنها و بحكم أنها امرأة كبيرة لم تكن تعرف ماهية كل هذه الأدوية التي كانت تتناولها، و في نفس الوقت اعتقدت أن هذه مرحلة مؤقتة و تزول.

نهاية القصة، توفيت و هي تظن أنها "بخير".

هل تطرقتي في دراستك إلى أخلاقيات الطب أم ليس بعد؟

نعم درستها عندما كنت في السنة الأولى و بصراحة وقتها كانت أكثر مادة تتعرض للتجاهل من طرف الطلبة .. القليل جدا من يأتون للمحاضرة و لا أحد يعيرها إهتماما وقتها كانت تبدو سهلة جدا و غير مثيرة للإهتمام

لكنها مدرجة كمادة أساسية في منهاج السنة السادسة أيضا و سنتطرق لنفس المواضيع مستقبلا لكن بإهتمام أكبر

نهاية القصة، توفيت و هي تظن أنها "بخير".

الله يرحمها

هذا هو الواقع المؤسف فعلا .. الكثيرون يمرون بحالات مشابهة

بين ما يدرس و ما يطبق فرق شاسع

نعم درستها عندما كنت في السنة الأولى و بصراحة وقتها كانت أكثر مادة تتعرض للتجاهل من طرف الطلبة .. القليل جدا من يأتون للمحاضرة و لا أحد يعيرها إهتماما وقتها كانت تبدو سهلة جدا و غير مثيرة للإهتمام

لا أعتقد أنني كنت لأفوت درساً واحداَ من هذا المساق!

الأخلاقيات الطبية شائكة جداً و ليست بهذه البساطة ليتغاضى عنها أحد.

الأساتذة من يجعلونها مملة جدا :D

طريقتهم في تقديم الدروس كانت كارثية بحجة - ستعيدون دراستها في سنوات قادمة - .. مجرد تضييع للوقت معهم , هم غير مهتمين و ينقلون لنا موجة ملل هائلة لا يوجد منهم أستاذ جيد واحد , بالنسبة لي كنت أدرسها بمفردي :"D

تحمسّت بشأن الموضوع و نسيت أمر الأساتذة :"]

أتمنى لك التوفيق عزيزتي .

@Yasminebelabbas في أي ولاية تدرسين إن كنت لا تمانعين طبعا

الجزائر العاصمة

كيف هي أخبار الجانب التطبيقي ( التربص) ؟

أحيانا، ان كان السبب لتسهيل علاجهم او موتهم او تعايشهم مع المرض فهذا امر جيد.

اما اعطائهم امل زائف من اجل ان يصرفو مال اكثر علي العلاج و المحاولة تكرارا بطرق جمة فهذا غير اخلافي

طبعا هذه امثلة و ما اقصده لا ينحصر في هذه فقط

ماذا بعد أن يفشل هذا الأمل و يجد المريض نفسه أمام واقع آخر؟ هذا في حال كون المرض غير مميت مثلاً.

بالإضافة لهذا، ما رأيك في الثقة الزائفة التي يعطيها الطبيب لمريضه، ألا تجد أن أثرها يمتد إلى مرضى أو أصحاء آخرين؟ هل تظن أن هذا لا زال أخلاقياً؟

ماذا بعد أن يفشل هذا الأمل و يجد المريض نفسه أمام واقع آخر؟ هذا في حال كون المرض غير مميت مثلاً.

لم افهم تماما ما تقصدينه هنا ؟ ممكن توضح اكثر بأمثلة

ما رأيك في الثقة الزائفة التي يعطيها الطبيب لمريضه ؟

في الطب يوجد شيء يسمي تأثير البلاسيبو [1] و قد يكون هذا الامل الزائد و الثقة سبيل للعلاج بالبلاسيبو

[1]

لم افهم تماما ما تقصدينه هنا ؟ ممكن توضح اكثر بأمثلة

يبدو أنك فهمت آن السؤال عن أمراض مميتة فقط، و لكن ماذا عن تلك الحالات كزراعة عضو مثلاٌ، بحيث يؤّمل الطبيب مريضه بالكثير كي يدفعه للقيام بعملية جراحية لا تتعدى نسبة نجاحها إلا نسبة قليلة، هل تظن الأمر أخلاقي؟

يبدو أن حالات كهذه يتدخل الغرور البشري في الطريق بحيث يرى الطبيب مرضاه مجرد حالات قد تنجح أو لا دون اعتبار للآثار النفسية المترتبة عليها.

في الطب يوجد شيء يسمي تأثير البلاسيبو [1] و قد يكون هذا الامل الزائد و الثقة سبيل للعلاج بالبلاسيبو

نعم، في هذه الحالة الأمل هو البلاسيبو بعينه.

أعتقد أنه فعل غير أخلاقي ولكن في نفس الوقت مطلوب منه لإتمام عمله، لذلك يسامحه الجميع عليه عندما يكتشفون ذلك، أفضل إعطاء المريض أملًا زائفًا لزيادة فرص نجاته، هل سمعت من قبل عن البلاسيبو؟ دواء زائف لا قيمة له ولكنه فعليًا يؤثر على المرض، أحد التفسيرات هو أنه يؤثر عليهم نفسيًا وبالتالي جسديًا، أضف لذلك أن يعلم المريض أنه لا أمل له يحطم فعليًا كل أمل له زائد أنه يعد كذبًا لأنه فعليًا لا يوجد أي موقف يصح أن تقول فيه "لا أمل له بتاتًا"، زائد على القول بعدم وجود أمل يعد كذبة أن إخبارهم وتنبيههم لوجود هذا الإحتمال مهما كان صغيرًا هو واجب على الطبيب، لأنه يعرف أن المريض قد ينظر بسوداوية كبيرة ولا يعر بالًا لهذا الإحتمال، كما أن المريض دون أمل تتدهور صحته بشكل أكبر، وأنه بالفعل ستزداد معاناته.

نعم سمعت عنه، في هذه الحالة الأمل هو بحد ذاته بلاسيبو.

أعتقد أنه عمل لا أخلاقي ولو كان دافعه نبيلاً.

نحن هنا أيضاً ننظر إلى المريض فقطـ و لكن هذا المريض بحد ذاته يتفاعل مع مرضى آخرين أو أصحاء و ينقل رؤية طبيبه التي أراد له تصديقها، ماذا يحل بالثقة بعد أن يُتبين زيفها، سواء من المريض أو غيره.

نحن هنا أيضاً ننظر إلى المريض فقطـ و لكن هذا المريض بحد ذاته يتفاعل مع مرضى آخرين أو أصحاء و ينقل رؤية طبيبه التي أراد له تصديقها، ماذا يحل بالثقة بعد أن يُتبين زيفها، سواء من المريض أو غيره.

لا يحدث شئ في العادة، كيف سيتبين زيفها؟ الطبيب قال هناك أمل ولكنه لم يقل أنه يجب أن يتحقق، كيف سيتبين زيف القول بأن هناك أمل؟

أنت ترى أن الذنب يكمن في تصديق المريض، هل فهمتك بالشكل الصحيح؟

لا يقع الذنب على أحد، الطبيب قال أن هناك أمل، والمريض بحكم طبيعته الإنسانية يود التمسك بهذا الأمل، ولكنه يعرف أيضًا أن هناك أحتمالًا ألا ينجح العلاج، لا الطبيب أكد على العلاج ولا المريض آمن بشكل كامل أنه سيشفى.

تمام.

و لكن هنا الطبيب لديه معرفة يخفيها و قد توصل إليها عن خِبرة و دراسة أن الفرص قليلة جداً في النجاح لذلك هو يعد/يعطي أشياء ليست بيده.

أي طبيب يجزم بموت مريض هو غير علمي، حقيقةً قد يبدو الأمر خداعًا، ولكن حتى لو كان لدى المريض مرض مستعص فما زال هنالك أمل وفرصة يجب وضعها في الإعتبار، لا أحد يدري ما يحدث في المستقبل، الطبيب قد تكون لديه معرفة مسبقة، ولكن في علم الأبستمولوجيا ليس لديك أدنى دليل على أن ما حدث في الماضي وما تعرفينه سيتكرر في المستقبل، لذا هنالك دائمًا أمل، والطبيب فعلًا لا يعد بشئ غريب، فهو يقول هنالك أمل ضئيل حسب خبرتي ولكنه موجود، هنالك دائمًا دائمًا فرصة لتجري الأمور خلاف المتوقع.


فلسفة

يختص بالبحث عن الحقيقة وطلب المعرفة.

7.42 ألف متابع