تعطيك الأسرة ( كلام ) .. و تعطيك المدرسة ( كلام ) .. و يعطيك المسجد ( كلام ) .. و يعطيك التلفزيون و الأنترنت ( كلام ) .. و تكتشف في الحياة ( كلام ) .. و نفسك تخبرك ب ( كلام ) .. فأنت في استقبال كثير من البيانات و الكلام ستلاحظ عند التفكير فيه أن كثير منه شائعات و معلومات مزيفة و جزء منه كلام ضار .. ستجد جزء آخر يناقض بعضه بعضا .. ستجد جزء آخر يحتمل شيئا من الصواب الذي تبحث عنه .. و مع ذلك فأنت لن تستطيع إدراك كل شيء و كل الحقائق سترتشف من بحر العلم ما يجعلك تعيش في استقرار نفسي و سلام مع الحياة لا غير .. ما يجعلك تستطيع كسب رزقك لكي تعيش بكرامة بلا اعتماد على الغير .. و لكن لا شيء مما تتعلمه يمكن تصنيفه على أنه الحقيقة .. قد يكون علم متفق و متعارف عليه .. قد يكون شيئا ترتاح له .. لكن لا تظن أن ما تفهمه هو نفس ما يفهمه الجميع حتى لو عشتم و تربيتم و درستم في مكان واحد .. فما تراه أنت حتما يختلف عن ما يراه أخوك .. هذا هو معنى الاختلاف فكل إنسان يرى حسب طابعه و قالبه و يقول أن فهمه هو الحقيقة و لكنه رأيه الخاص لا غير .. و فرض الآراء الخاصة على الغير بدعوى أنها الحقيقة هو اعتقاد غير سليم و هو اعتداء على عقول الناس و مصادرة لحرياتهم الإلهية المشروعة في التفكير و في تشكيل رؤاهم الخاصة أيضا غير الملزمة لك .. فالشر ينطلق عندما يكون هناك الجزم و الإلزام و الإكراه بدل النقاش و الإقناع و الحوار و الحجاج السليم .. فالذي يذهب معك للتسوق لأنه مقتنع بضرورة التسوق و جاهز لذلك غير ذلك الذي يذهب مرغما و مكرها و غير جاهز .. فالإقتناع هو زاد روحي علمي و الجهوزية زاد حسي صحي لذلك لا يمكن حصول شيء دون ذلك الزاد .. لذلك مستقبلا حاول أن تتفهم ذلك الذي يخبرك بعدم جهوزيته اتركه و دعه في حال سبيله قد يلتحق بك لاحقا حين يتجهز و قد لا يلتحق بك أبدا .. فالمهم هنا هو أن تعي و تدرك أن ما تحمله عن الحياة ليس هو ما يحمله شخص مختلف و بدل أن تتصارع مع هذا الاختلاف فإنك تسلم بوجوده و تتعايش معه كما تتعايش مع مظاهر الحياة الأخرى بلا صراع غير ضروري .. معرفتك للسلام مع كل شيء وسط الاختلاف هو عين الحرية النفسية .. ستعيش في سلام و تناغم 👍
البحث عن الحقيقة رحلة لا تنتهي
ولكن لا يصح أن نضع كل الكلام في موضع الشك ونمضي لنتبين منه كما تصف هنا، فقلت يعطيك أبويك ويعطيك المسجد ولا أظن أن الكلامين قابلين للتحقق فلو لم نأخذ اليقين من هذين فمن أين نأخذه!
@Mo_essam أظنك لم تفهم الموضوع جيدا و أعذرك و لابأس بأن أشرح لك قليلا لعل المعنى يزداد اتضاحا عندك .. أنا لم أقصد أن تضعهم موضع الشك و كذلك لم أقصد أن تصدقهم تصديقا أعمى لا شك فيه .. بل إنني كتبت بأن كل قارئ هو في بحث مستمر عن الحقيقة و عن تفسيرات يرتاح لها و تقنعه .. و هو يتلقى كمية معتبرة من المعلومات كثير منها يتهاوى و يسقط و يفشل أمام اختبارات و تجارب الزمن .. بسبب أن هناك معلومات لا تستطيع تفسير الواقع و إنما هي مجرد كتابات و حبر مسال على ورق لا غير .. فالذي يعطى المعنى لهذه الرموز هي تمازج أنفسنا و أرواحنا مع تجارب و تحديات الحياة و بالتالي نحن نظن واهمين أننا نحن الذين نفكر و نقلب المعلومات في دواخلنا بينما هذا غير دقيق .. نحن في الحقيقة في استقبال و ارسال على الدوام و هذه هي طبيعة النقاشات أو طبيعة التعلم و التواصل .. نحن نستقبل و نقارن و نشكك و نطرح آراء و بعد زمن يتضح لنا أن أراءنا السابقة غير دقيقة فنقوم بتطويرها أكثر .. لذلك فالعلم قابل للنمو و التطور باستمرار .. و ظهور أراء جديدة لا يعني أننا لم نعتمد على القديمة .. فالتطوير أصلا ينطلق من مادة فكرية أولية قد تحتاج إلى تطوير أو تعديل .. مهمة المفكر هي التحقيق في الرؤى و الأفكار الشائعة و تفنيد ما لا نفع منه .. فمثلا الإعتقاد بأن الإنسان لا يحتاج لغيره من الناس ليعيش هو إعتقاد زائف غير متطابق مع ما هو حقيقي صحيح و هو أن الإنسان يحتاج للإعتماد على غيره في شؤون كثيرة ..
التعليقات