بالطبع هو نقاشٌ محمومٌ جدا في أوساط الفلسفة والعلم: نقاش الإرادة الحرّة، وحاول الفلاسفة الإجابة عليه، وعلماء الأعصاب كذلك، وبالطبع المؤمنون بالأديان والعقائد والحركات الروحية المختلفة لهم أيضاً مواقفهم.

 وأنا لم أطّلع على أيٍّ من هذه التنظيرات، ولكّني كوّنتُ فيه وجهة نظر بُناءً على التفكير.

 في إحدى المرّات، كنتُ جالساً في مقهى مع صديق، وحاول الصديق إقناعي بأننا لا نملك إرادة حرة؛ نظراً لما يُفرض علينا من الخارج من ظروف مادية.

 الإنسانُ مِنّا يولد بجسدٍ لم يختره، بجينات محددة، وسمات نفسية يرثها عن أسرته، وطريقة تربية محددة، وعقد طفولة، وسلوكيات آلية، وثقافة مجتمع، وسياق تاريخي وسياسي واقتصادي، وظروف اجتماعية ومادية، والكثير من الصدف. في الحقيقة، يصعب كثيراً تخيل أن لنا أي حرية مع هذا الكم من الحتميات التي تفرض نفسها.

 ولكني أيضاً لا أرى أن الإرادة الحرة مستحيلة، فقط أنا أرى أن الإنسان يسعى إليها ويكتسبها، لا تكون له من دون بذل الجهد.

 لتوضيح فكرتي، فإني أضرب مثالاً بإنسانٍ وُلدَ في لحظة زمنية ما وفي ظرف ما، إن هذا الإنسان خاضع في سلوكه لكم ضخم من البرمجة التي لا يعي لها، قيم اجتماعية قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة. الكثير من المعلومات التي لم يتحقق من مصدرها، والعديد من الممارسات التي قد تكون مؤذية أو غير مفيدة.

 متى يبدأ هذا الإنسان في الحصول على حريته؟

 بالوعي.

 في اللحظة التي يبدأ فيها بمصارعة اللاوعي الجمعي، في اللحظة التي يبدأ فيها في الاختيار لنفسه، في العيش كما يريد هو لا كما يريد له المجتمع، في اللحظة التي يختار معنى حياته لنفسه، ويبدأ في عدم الخضوع للضغوط المحيطة به.

 وأيضاً في اللحظة التي يتجاوز فيها سلوكه الآلي، عاداته التي لا يعي لها، عقده النفسيه ومعتقداته الخاطئة.

 الحرية إذن لا نولد بها، وإنما نسعى لها في كل لحظة، بأن نتعلم، ونزداد وعياً، ونختار أن نعيش بشجاعة كذواتنا الحقيقية.

ما رأيك أنت؟ هل ترى أن الإنسان دائماً مسير بضغوط وتأثيرات خارجية وداخلية؟ أم أن الإنسان يمكنه أن يكون حراً، إذا ما سعى إلى ذلك؟