يجلس شخصان بجوار شجرة جرداء في طريق مقفر .. الرجلان مختلفان تماماً .. فأحدهما شخص بسيط لا يفكر إلا في الطعام .. و هو مشغول دائماً بآلامه و قدمه المجروح ..

 و الشخص الآخر رجل مفكر عاقل .. و هما يتكلمان دائماً 

و لكنهما لا يقولان شيئاً .. و يدور بينهما حوار عبثي تغلف كلماته رمزية شديدة التعقيد .. و كل منهما يريد ترك الآخر 

و لكن لا يستطيعان .. و هكذا كل الروابط الإنسانية التي لا نستطيع التخلص منها .

و من خلال الحوار يتضح أنهما ينتظران شخصاً ثالث مجهول إسمه غودو .. فقد وعدهما بالمجيء و كان جاداً في هذا الوعد .. و يبدو أن مجيء غودو سوف يغير حياتهما للأفضل .. و لكن غودو هذا لا يأتي ابداً .. و في نهاية كل يوم يظهر غلام فيخبرهما أن غودو لن يستطيع المجيء .. و لكنه بالتأكيد سوف يأتي غداً .. و يتكرر الأمر في كل يوم .. و هما لا يملان من إنتظار غودو .. الذي لا يأتي أبداً !!

هذا ملخص لمسرحية صمويل بيكيت " في إنتظار غودو" .. 

و قد صُنفت بأنها من أهم المسرحيات في التاريخ ..

 و المسرحية ذات نزعة سوداوية .. مثل كل أدب العبث أو اللامعقول الذي تنتمي إلي مدرسته .. و لأن الأدب دائماً ما يكون إنعكاساً للواقع الذي يعيشه الناس .. فقد ظهر أدب اللامعقول في أعقاب الحرب العالمية مجسداً لعزلة الإنسان .. و إحتقاره لقيمة الحياة .. كما أن أدباء هذا الفن كانوا خير من يمثلون هذه العزلة الإنسانية .. فقد كانوا جميعاً من المهاجرين .. و المهاجرون هم أكثر الناس شعوراً بالعزلة .

و لكن من هو غودو المنتظر و الذي لا يأتي أبداً ؟ .. إنه الأمل .. الأمل في أن شيئاً سعيداً سوف يحدث غداً .. فهو الحب للبعض .. و هو المال للبعض .. و هو العمل و هو الزواج و هو الشفاء .. و هو الراحة بعد زوال الألم .. ففي حياة كل منا غودو لا يمل أبداً من إنتظاره .. و هو المجهول الذي لا نعرفه .. و لا نعلم كيف ستتغير حياتنا إذا جاء .. و لكننا جميعاً في إنتظار غودو .