الحياة لا تخلو من الصعاب فلا راحة دائمة ولا شقاء مستمر، فالحياة بين هذا وذاك، ونحن من يصنع السعادة، ونحن من يرضى بالشقاء، ولو نظر كل فرد فينا إلى مشاكله وفكر في حلها دون جزع أو خوف ودون أن ينهار أمامها لوجد الحل، واستطاع ان يقلل من خطورتها إذا لم يتمكن من القضاء عليها.

كان الأب يعيش مع بناته في هدوء، فقد كان رجلاً حكيماً يعرف كيف يتصرف في كل أموره ومرت الأيام، وتزوجت بناته، وظل على اتصال به، وكان حريصاً على أن يسعدن في الحياة فكان يساعدهن في حل ما قد يواجهن من مشكلات.

جاءته إحداهن ذات يوم تشكو إليه ضغوط الحياة، وعدم قدرتها على التعامل مع ما تواجهه من مشكلات، وأن ضغوط الحياة أكبر من قدرتها على تحملها ، فأخذها إلى المطبخ، ثم أحضر ثلاثة أوانٍ مملؤة بالماء، ووضعها على النار ثم وضع في الإناء الأول حبة بطاطس وتركها حتى بدأ الماء في الغليان.

ووضع في الاناء الثاني بيضة، وتركها أيضا حتى بدأ الماء في الغليان، ووضع في الثالث ملعقة صغيرة من البُن الناعم .نظرت البنت إلى والدها وإلى الاواني الثلاث في عجب ثم قالت:” يا أبت لقد جئتك لتساعدني في حل مشاكلي وأنا لست جائعة الآن، ولا أريد أن أشرب القهوة.”

فأجابها الأب:” أنتظرِ قليلاً، وسأساعدك، ولن تخرجي من هنا إلا ومعك الحل لكل مشكلاتك

ومرت عدة دقائق، فأطفأ الأب الموقد، ثم سألها ماذا حدث للأشياء التي وضعتها داخل الأواني الثلاث؟ ،قالت : ماذا تقصد يا أبي, لا افهم شيئاً ؟

فقال الأب: ماذا فعل الماء المغلي بحبة البطاطس والبيضة والبن؟

قالت: حبة البطاطس أصبحت طرية وضعيفة، أما البيضة فقد أصبحت قوية ومتماسكة أما البن ذاب وحول الماء إلى قهوة.

فقال لها الأب :هذا ما اردت أن أوضحه لك، فالماء المغلي هو الحياة يتعرض فيها جميع الناس لنفس الضغوط والمشكلات، ويتأثرون بها بأشكال مختلفة. فمن الناس من لا يتحمل أعباء الحياة فيصبح كحبة البطاطس، ينهار ويضعف أمام المشكلات، ويصبح بلا قوة، ويعيش حزيناً بائساً ،وهناك من يكون مثل البيضة يستفيد من خبراته، و مما يواجه من أعباء الحياة؛ ويصبح أكثر صلابة وأشد عزيمة، فلا يضعف بل يتحمل، ويمضي، وهناك من يصبح كالبُن يستطيع أن يتفاعل مع الحياة ويغيرها، ويحول المصاعب الى دوافع للتقدم والحياة الممتعة.

إننا بحاجة الى التفكير الفعال نحو حياة أفضل وقوة أكبر لمواجهة مشكلاتنا ومصاعبنا التي لا تخلو منها الحياة .