الصرخيون رمز الاعتدال والوسطية

في هذه الدراسة الموجزة سنحاول استقراء ديموغرافية الشعب العراقي وطابع كل فئة ونتاجها السلبي والايجابي في رسم الاحداث الجارية منذ سقوط بغداد

من المعروف ان المكون الشيعي والسني هما مسرح الاحداث باعتبار انقسام السكان الاغلب الى هاتين الطائفتين

ولنبدا بالاغلبية من هاتين وهم الشيعة سكنة جنوب وووسط العراق فهؤلاء يتميزون ومنذ قدم تاريخهم بسمة الثورية والثورات وتاريخهم حافل برفض الجور والدكتاتورية بفعل ثورة الحسين عليه السلام وتربية علي من قبل واستمرت ثورات الشيعة على طول الخلافتين الاموية والعباسية الى العثمانية الى ثورة العشرين الى الانتفاضة الشعبانية ثم النكسة المريبة والهدوء الخانع والرضا بالاحتلال الامريكي وحكومة الفاسدين والغرابة في الامر انهم مجمعون على فساد وظلم الحكومة الحالية وبنفس الوقت يجددون انتخابهم لها وسنعرف لاحقا سبب هذا السلوك الغريب

اما اهل السنة فهم على النقيض تماما فتاريخهم منذ القدم محكوم باطار قدسية الخليفة ووجوب طاعته وتحريم الخروج عليه ولو كان جائرا وكما تصفه بعض الاحاديث المكذوبة بالسمع والطاعة ولو كان راسه راس زبيبة اى وان كان حبشيا ولذلك كان تاريخهم مفتقرا للثورات بل كان متدينا بطاعة الحاكم وما ثوراتهم وضربهم للمحتل الامريكي واستبسالهم المشهود الا دليلا على تاثير حاكمية المسلم عليهم وزوالها بكل تاكيد بل وابدالها بروح الجهاد والغضب والاستشهاد في حال كون الحاكم اجنبي او رافضي

فما بين هذين الموقفين كان الفشل تلو الفشل للعراق ومصيره المجهول

فجهاد طويل للشيعة يعقبه خنوع وخنوع طويل للسنة يعقبه جهاد

وغرابة موقف الشيعة وخنوعها في هذه الفترة لها عدة اسباب ابرزها تعبد الشيعة بمدا ولاية الفقيه والحقيقة ليس الخلل بالمبدا

بل بالمتقمص بهذا المنصب ولان ليس كل الشيعة مجتمعة على مرجع واحد كان التغير في الموقف تبعا لتغير المرجع او الواجهة وهذا هو تفسير وجود فئة من الشيعة كانت مجاهدة للمحتل الامريكي ولم تخنع ولم ترضى بوجوده هذه الفئة تغير موقفها عن باق الشيعة انما كان لتغير المرجع وحقا ان تفتخر الشيعة بتاريخها الجهادي المقارع للظلم والظلام بوجود هذه الفئة ومرجعها الصرخي

ومواقف هذا المرجع المعاكس لخنوع الشيعة الفت انظار المفكرين واقلق المتنفذين فمنهجه ليس لهؤلاء ولا هؤلاء

في الحقيقة ان كلا الموقفين الخنوع الشيعي والجهاد السني تطور الى فتنة وقع فيها الطرفين وامتدت الى شعوب ودول مجاورة تحرق الاخضر واليابس

تطور الخنوع الى جهاد ضد السنة وتطور جهاد السنة الى داعش ضد الفريقين

وما بين هذين السلوكين يوجد خط معتدل وسطي له حض وشرف بجهاد المحتل وله حض وشرف بالوطنية ونبذ الطائفية

فشرف الجهاد لم يحضى به الشيعة وشرف الوطنية لم يحضى به السنة بدليل ارتمائهم في احضان داعش وارتماء داعش باحضان البنتاكون

لم يرفع هذا المرجع الصرخي عنوان الاعتدال والوسطية الا بعد تطبيقه حرفيا واكتوائه بنار تبعاته وضرائبه التي مسحت بيته وادمت الشوارع بجثث انصاره

نعم لم يكن شعاره لقلقة لسان او استحسان فكري او شعارحزبي او اعلامي

فالاعتدال اليوم هو المخلص لنكبات العراق والمنطقة

اعتدال ليس ميلشياويا ولا داعشيا

ووسطية لا بمعنى العجز عن مشروع ليختار الوسطية

بل هو مشروع متكامل قادر على طي التحديات وقيادة حكيمة لو اخذت زمام المبادرة

هذه القيادة لابد لها ان تحكم في نهاية المطاف والا فهو الخلل في السنن التاريخية التي شرح الية عملها قطب سابق من اقطاب العدل والعلم وهو باقر الصدر

واذ حسم الرب سبحانه بقرار عدم تحويل او تبديل سنن الله فهو اذن انتصار القيادة الحقة وان غيبها فراعنة العصر