صدق مالك بن نبي حين أكد بأن أخطر الكائنات على الحضارة و نهضتها هم المتعالمون، أي الذين أخذوا القليل من العلم و يدعون أنهم علماء و أهل الحكمة.

و بالطبع، هناك الكثير من هؤلاء العوالق المقذوفة من لعاب المستعمر تتنتشر كفيروس قاتم وسط مجتمعاتنا.

فمما قرأت و شعرت بضحك مملوء بإشمئزاز لعين، هو مقال لأحد دعاة التقدم و الإنفتاح، و الحاقدين على الحضارة الإسلامية.

و من أبشع المغالطات التاريخية المثيرة للحسرة على الجهل المتكبر، هو هذا الكلام "قُتل ابن رشد من طرف المسلمين.. ووضعت جثته على خرج حمار وكتبه التي نهضت عليها اوروبا في الخرج الآخر"

ماذا سأقول؟

لقد شعرت بصعقة كهربائية شوهت غدتي الصنوبرية، أظن أنني فقدت الكوجيتو الديكارتي الآن..

أي تاريخ قرأه هؤلاء؟ أي كتب يعتمدون عليها؟

كتب توينبي أم هربرت فيشر أم ابن خلدون أم ويل ديورانت أم غوستاف لوبون أم أحمد الناصري أم من من بالضبط.. في اي مصدر كُتب هذا الهراء؟ من يعلم فليتصل بي فأنا في مستشفى المجانين.

ابن رشد توفي بشكل طبيعي في مراكش و دفن فيها و نقلت جثته بعدها إلى قرطبة.. هذا ما كتب في التاريخ. و الموجود في الوثائق و حين توجد وثيقة تقول العكس سنحاول استعمال النقد الباطني و الخارجي لنعرف الحقيقة.

أما فكره فلم يتعرض للمحاصرة في العالم الإسلامي كما يُريد بعض المتعالمين تصويره بطريقة خرافية و أسطورية.. بل بالعكس كانت له الحرية في التعبير، و خدم قاضيا في قرطبة و مستشارا في البلاط الموحدي .. و رد على كتاب الغزالي الموسوم ب "تهافت الفلاسفة" بكتاب اسمه "تهافت التهافت"...

ولم يُنعت بالإلحاد و الكفر إلا من طرف بعض علماء السلطان الذي حسدوا المكانة التي نالها من الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف..

يعني أن مسألة تعرض ابن رشد للوصف بالإلحاد و الكفر، ليست ظاهرة في المجتمع الإسلامي آنذاك لحصار الفكر، كما كان الأمر في اوروبا خلال القرون الوسطى، و إنما هي مسألة سياسية تُستغل فيها نعوت الإلحاد و الكفر من طرف طبقة معينة نافذة، من أجل إبعاد الخصوم و تهميشه.. كما حدث مع لسان الدين ابن الخطيب، و الحلاج.

لهذا رجاءا ارحموا عقولنا، و إن كنت تحقدون على الحضارة الإسلامية فعلى الأقل ادحضوها بأفكار واقعية و ليس أكاذيبا متعفنة..

محمد_أمزيل

المتعالمون_بكتيريا_تنتشر_في_الوسط_اللاقرائي