عندما تشاور الصحابة رضي الله عنهم في مجلس أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه حول اختيار موعد لبداية التأريخ الاسلامي تم تقديم عدة اقتراحات من بينها :

وفاة الرسول ﷺ

غزوة بدر

فتح مكة

وغيرها

ومع ذلك تم تقديم الهجرة على كل هذه الأحداث العظيمة لعلمهم بأسرارها

وقد تحدث العلماء كثيراً حول الهجرة وأسرارها وأحببت أشارككم بعض التأملات حولها :

الهجرة نقلة سياسية من حالة الدعوة الى حالة الدولة

وبهذا الانتقال تغيرت الاحتياجات حيث كانت في المرحلة المكية ‏دعوة وأخلاق وعقيدة

بينما في المرحلة المدنية أضيف اليها التشريعات اللازمة للمجتمع الإسلامي الجديد باحتياجاته المختلفة

وللتشريعات الضرورية للدولة الناشئة في جوانبها المختلفة

بهذه النقلة تغير القرآن الكريم نفسه حيث كان الخطاب المكي يتحدث عن الدعوة والأخلاق والعقيدة فكانت السور والآيات قصيرة وذات طبيعة تناسب تلك الاحتياجات

‏بينما القرآن المدني صارت فيه الآيات والسور طويلة وذلك للحاجة كذلك الى التشريعات وهي بطبيعتها بحاجة الى شيء من التفصيل

وهذا الذي جعل الآيات أطول

‏أمر آخر يتعلق بالهجرة وهو أن الهجرة الى الحبشة لم تستمر حيث كان الاتفاق بيننا النجاشي وقساوسته ليسمحوا للمسلمين بالبقاء في الحبشة ألا ينشروا الدعوة هناك

ولذلك ‏لم تستمر الهجرة الى الحبشة حيث لا معنى لذلك حيث لن تتحقق دعوة ولا تقام دولة

إذاً لم تكن الهجرة فراراً من الطغيان والأذى الذي كان يصيب المسلمين في مكة فقط

وإنما ‏كان الهدف الرئيسي كذلك هو البحث عن مكان تقام فيه الدولة ومنه تنطلق الدعوة وتحميها الدولة

وبتأسيس هذه الدولة تغير التاريخ ، ليس تاريخ المسلمين فقط بل تاريخ كل العالم ، وليس لبداية تاريخ الاسلام ، وإنما تغير كل العالم وإلى الأبد

ولو ظلت الدعوة في مكة بدون تحقيق الدولة لما تغير كل ذلك

الهجرة ليست فرار إنسان عظيم نبذه قومه فخرج ضعيفاً مختبئاً ،

بل هي صنع إلهي

من خلال الجهد البشري للرسول ﷺ وللصحابة الكرام رضي الله عنهم

لتقام على أيديهم دولة تصنع حضارة تسعد الإنسان بالتوحيد والقيم ،

(تسعد كل الناس وليس المسلمين فقط)

الهجرة مدرسة للمستضعفين ألا يفقدوا الأمل ،

وللدعاة أن يصنعوا دولة ولا يكتفوا بالدعوة ،

وهي جامعة دروسها لا تنضب

وكل عام وأنتم وأحبابكم بخير وصحة وايمان

وكل بلادنا قد قام فيها العدل والسلام

وكل المعتقلين قد تحرروا من سجون الطغاة والمحتلين

وكل دولنا قد عادت لتطبيق منهج الله ﷻ القويم

وتقبل الله ﷻ الشهداء الأبرار

وقصم الطغاة والأعداء والفجار

واستعملنا لخدمة العباد والبلاد

ليرفع شأننا في الدنيا والآخرة

منقول