الدعوة إلى سبيل الله واجبة على كل إنسان بغض النظر عن معتقده. لكن نقطة الفصل هنا في كيفية الدعوة؟

بالنظر إلى التاريخ، نستطيع أن نلتمس المنهج العملي الذي اتبعه الأوائل من المسلمين و غيرهم ليوصلوا رسالتهم للغير، فنستطيع أن نفرق ما بين أن ندعو الغير أو أن ننتهك حريتهم و خصوصيتهم. نأخذ مثالاً الحسن والحسين، عندما رؤوا رجلا يخطيء في الوضوء، قاموا بالوضوء أمامه بدون أن يشعروه بأي انتقاص أو أن يخطئوه أو حتى يتفوهوا بكلمة واحدة. فما كان إلا أن لاحظ الرجل و أخذ قراره بنفسه ليصحح وضوؤه، بل وشكرهم على ما تعلمه منهم.

مثال آخر، إنتشر الإسلام في شرق آسيا بدون قطرة دماء أو جيوش، عندما رأى أهل آسيا أخلاق التجار المسلمين في أمانتهم و التزامهم، قرروا أن يتتبعوا مبادئهم حتى دخلوا في دين الله بدون غصب أو أي أوامر.

بل و حتى الرجل اليهودي جار النبي الذي كان يكرهه جداً و يرمي القمامة على بيته. أسلم الرجل بدون أي ضغط أو حتى كلمة واحدة، فقط لأن الرسول قد زاره عندما مرض.

هذه هي الدعوة التي من الممكن قبولها و التي تتسق مع طبيعة النفس البشرية التي لا تقبل أن تكره على شيء. حتى الطفل الصغير لو أكره على أن يأكل أفضل شيء يحبه سيرفض. لأن الله قد أعطى كل إنسان عقلا مستقل يحب أن يقرر مصيره بنفسه.

فمن فضلك إذا أردت أن تدعوا أحد لأي شيء إبدأ بنفسك، فإذا رأى الناس ما يعجبهم فيك، تأكد أنهم سيتبعونك بدون أدنى جهد منك تجاههم.