كان أحد ‫#‏الشيوخ‬ مستندا على حائط، مرتكزا على عكازته، يرقب أذان ‫#‏المغرب‬...

فرأى جحفلا من الناس يتجهون صوبه..

فتجمد في مكانه يتبين وجهتهم، فاتضح له أنهم يقصدونه..

فلما وصلوا إليه، ظلوا يرمقونه بنظرات غريبة، وهو ينتظر كلامهم..

فلما أطالوا ‫#‏الصمت‬..

بادرهم بالسؤال: ماذا تريدون؟

لكنهم لم يجيبوه... وظلوا واجمين جامدين..

فأعاد طرح ‫#‏السؤال‬ من جديد:

من أنتم وماذا تريدون؟

ولا ‫#‏جواب‬..

تصبب العرق من جسد الشيخ أما هذه الجثث الهامدة، والنظرات الجامدة..

فلم يجد أمامه إلا أن يغادرهم خائفا ..

وبينما هو ماش، سمع صوت الأقدام خلفه..

التفت..

فوجد الناس يمشون خلفه، بنفس الملامح المريبة، والنظرات الغريبة.. كأنهم ‫#‏زومبيز‬ !

فتوقف هلعا... فتوقفوا أيضا..

صاح فيهم مدمدما غاضبا: من أنتم؟ وماذا تريدون؟؟؟

ثم بدأ يلوح بعكازته في السماء مهددا...

ولا تراجع... ولا جواب..

نفس النظرات والصمت القاتلين...

فما كان من الشيخ إلا أن استرجع هدوءه، وتجاهلهم قاصدا المسجد لأداء صلاة المغرب..

أتدرون الآن من ذلك العجوز: إنه ‫#‏الانسان‬ !

وتلك الجماعة من الناس: إنها ‫#‏المستقبل‬ !

نسعى لمعرفته من غير جدوى، فنقلق، ونرغي ونزبد، وقد ننسحب، لكنه يأبى إلا أن يتبعنا في كل آن و أين..

  • منا من قرروا المغادرة أمام هذا الغموض، واختاروا أسهل الطرق: أسقطوا المستقبل من حساباتهم، وأنكروا وجود الغد، ونسوا ذكر الله، فأنساهم ذكر أنفسهم..

  • ومنا من لوحوا بالعكازة في ضجر وغير رضى، رجما بالغيب، ويئسوا من روح الله، وهل ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون؟

  • ومنا من أدرك أن المولى تبارك وتعالى قد تكفل بكل شيء، وأيقنوا أن لا شيء فاسق عن ناموس الله، فمضوا إلى طاعته وانشغلوا بذكره..

ألا بذكر الله تطمئن القلوب !

فإن خفت المستقبل يا ‫#‏خليلي‬، فلا تلوح بالعكازة ولا تنسحب...

فقط ابتسم وتجاهل..

فقد تكفل المولى به، فتكفل أنت بما عليك..

‫#‏صناعة_الماضي‬