الحقيقة التي لا يشعر بها كثير من الشباب المسلم أن عصرنا الذي نعيش فيه هو زمن الاستنفار الكبير بلا شك ولا ريب .

فكل الثغور الإسلامية شاغرة لم يحقق فيها القدر المجزئ من التغطية , فما من مجال من مجالات الإسلام ولا ساحة من ساحاته ولا زاوية من زواياه إلا وهي تعاني من قلة العاملين ومن ضعف التغطية والإنجاز .

إن ذهبت إلى المجال المعرفي تجد مسائل وقضايا كثيرة تحتاج إلى بحث وتحرير ونشر , وإن أنت توجهت إلى المجال الدعوي تجد مساحات شاسعة فارغة من العاملين , وإن توجهت إلى ساحات الجهاد والقتال تجد القائمين هناك ينادون شباب المسلمين , وإن توجهت تلقاء المجال الإغاثي ترى المسلمين يستغيثون وينادون .

إن الإيمان بهذه الحالة الاستثنائية وعمق الشعور بها يوجب على الشباب المسلم الصادق في خدمة دينه أن يكون في حالة من الاستنفار القصوى التي لا تدع مجالا للاشتغال بالملذات والشهوات والتحسينات .

أريتم له أن حريقا كبيرا شب في مصنع من المصانع , كيف يكون حال رجال الإطفاء في الاستنفار والعمل الجدل ؟ إن حالتهم تلك هي الحالة التي ينبغي أن يكون عليها الشباب المسلم في تغطية الثغور الشاغرة .

ولو أن رجال الإطفاء في تلك الحالة اشتغلوا بأمور جانبية , إما بتحسين سياراتهم وتغييره لونها أو بالبحث عن أثواب جديدة لهم , لعدهم العقلاء من الناس من المفرطين أو المجانين , إذ كيف يشتغلون بأمور جانبية لا أثر لها كبير في تحقيق مهمتهم الوقتية .

فكذلك الأمر في حال كثير من الشباب المسلم اليوم , ترى كثيرا منهم يشتغلون بأمور جانبية لا أثر لها كبير في حالة الاستنفار التي نعشيها اليوم .

المشكلة العميقة والمحزنة في الوقت نفسه أن العالم الإسلام لا ينقصه عدد في الشباب ولا في الأوقات ولا في الرغبات والمقاصد الحسنة , وإنما الذي نقصه قلة في الوعي وضعف شديد في صناعة البرامج والمشاريع الجادة التي تستوعب طاقات الشباب وتوجهها نحو الثغور المناسبة لهم .

ترى كثيرا من الشباب يعيش أيامه ولياليه في أمور يومية لا أثر لها في سد ثغور الإسلام , وهو مع ذلك لا ينقصه وقت ولا مال ولا قدرات , وإنما ينقصه الوعي واستشعار ما يتطلبه وقتنا الحاصر من حالة الاستنفار .

وكذلك ترى كثيرا من الشباب يشتغل في مجالات كثيرة لا تناسب حاله وقدراته , ثم ينقلب عنها بعد زمن , ولا ينقصه في ذلك الحرص ولا البذل ولا الجهد والاجتهاد , وإنما الذي ينقصه أنه لم يكتشف المشروع الذي يناسبه والثغر الذي يليق به .


‪#‎cpd‬ - سلطان العميري .