ربما نتفق جميعا أن الإنسان في عصرنا الحالي أكثر إرهاقا من أي عصر مضى رغم حقيقة أنه يبذل جهدا أقل بكثير من أجداده. لكننا تعاني من الضغط العصبي والإرهاق الدائم وخاصة في السنوات الأخيرة. لماذا حدث ذلك؟ لدي نظرية ربما تتفقون معي حولها.

الشيء الذي تغير في السنوات الأخيرة هو كيفية قضائنا لوقت الفراغ. بعد أن ننتهي من عملنا أو دراستنا وواجباتنا الاجتماعية والمنزلية وكل ما يجب علينا فعله. ماذا نفعل في وقتنا المتبقي؟ بعد قضاء اليوم بأكمله في تلقي معلومات جديدة في المحاضرات أو التركيز في العمل. بعد أن تلقى العقل كل هذه المعطيات الجديدة وعالجها يحق له أن يرتاح قليلا.

ما يحدث هنا أننا ننتهز وقت الراحة لنهرع إلى هواتفنا وندخل عالم التواصل الاجتماعي، وبدخولنا إليه نغرق في بحر من المعلومات الجديدة التي يحاول العقل استيعابها. ننهي تصفحنا لنشاهد فيلما، ثم نقرأ مقال، ثم نستمع لأغنية. نشاط وراء نشاط ونحن طوال الوقت متلق سلبي للمعلومة. لا نترك فرصة للتفكير حتى فيما نتلقاه. لم يعد هناك وقت نجلس فيه مع انفسنا نفكر ونتأمل ونسترخي. أصبح وقت الفراغ هو وقتنا برفقة الهاتف.

نذهب لننام فينتهز العقل هذا المتنفس الوحيد الذي تركناه له ويحاول أن يعطي قليلا وقد عودناه على الأخذ والتلقي طوال اليوم، فنجد الأفكار تهاجمنا وتمنعنا من النوم.

حتى الأعمال اليدوية التي كانت المتنفس الآخر للعقل كالحياكة والرسم يهجرها الناس أو لا يعطونها الوقت الكافي.

الجلوس في حديقة أو مكان عام للتأمل أصبح درب من الخيال. الجلوس في بيتك حتى ساكنا لا تفعل شيئا هو شيء نادر الحدوث لأنك دائما ما تشعر أن ذلك وقت ضائع والأفضل أن تقضيه في الترفيه عن نفسك. الحقيقة أن هذا الوقت هو الوقت الوحيد المفيد حقا. وقت الفراغ الذي تقضيه في لا شيء سوى إراحة عقلك وإعطائه الفرصة ليكف عن التلقي.