يندرج السفر بالنسبة لمعظمنا تحت بند الرفاهيات ما لم يكن من أجل حاجةٍ عملية أو اقتصادية أو أمنيةٍ أو علاجية فحينها يصبح السفر في هذه الحالة ضرورة ، أمّا بالنسبة لي فأظنّ بأن السفر في حدّ ذاته ضرورة ! أذكر عبارة قرأتها لأحد الكتّاب المفضلين لديّ كان يقول : " السفر أشبه بالعصا السحرية يحيلك من حالٍ الى حال " وهذه حقيقة ! فخلال السفر يصبح بإمكاني أن أنظر الى خطواتي في الحياة بصورةٍ أعمق وأكثر شمولاً ، كما أن السفر يحررني من ضغوطات الحياة اليومية ويجعلني أكثر خفّة ..

كذلك فإنني لا أنظر الى السفر كفرصة للتنقيب عن أماكن تاريخيةً أو معالم سياحيةٍ بقدر ما أراه تنقيباً داخل أغوار النفس ، السفر يصِلنا بذواتنا ويضيء لنا جوانب مظلمةً من أنفسنا قد لا نلتفت اليها في العادة  ، وأعظم ما في السفر أنه يتيح لنا الفرصة للتفكير في كل شيء بعيداً عن كل شيء وفي معزل عن روتين الحياة اليوميّ .

يقولُ شمس الدين التبريزي : " الأهم من سفرِ المكان هو سفر الوجدان بداخلك ، فما المعنى من تبديل الأماكن وأنت أنتَ ؟ " ، لهذا فالسفرُ لا يكون سفراً الا عندما نتحلى بنظرةٍ جديدة تجاه شيءٍ تاركين خلفنا حقائب همومنا التي لا تنتهي ، أن نسافر ونحنُ نعي بأن الوصول ليس هو الهدف بل الرحلة في حدّ ذاتها هي المُراد ، لذلك فإن السفر " الحقيقي " لا يتحقّق الا لمن يؤمن به .