في يوم كنت أجلس مع أبي وأختي، فسألنا هل تعرفون لماذا الحب أعمي ؟ فقلنا لا قال سأخبركم بالقصة :

منذ قديم الأزمنة ، لم يكن على سطح الأرض إنسان أو مخلوق ، و كان العالم كله يتكون من الرذائل و الفضائل فقط ذات يوم شعرت الفضائل و الرذائل بشيء من الملل ، وقررت بعد مشاورات أن تلعب لعبة للتخلص من مللها و أطلقوا على تلك اللعبة اسم الاستغماية نالت الفكرة اعجاب الجميع.

و صاح الجنون قائلاً : أنا من سيبدأ اللعب ، أريد أن أبدأ، سأغمض عيناي و أبدؤ العد ، أما أنتم باشرو بالتخفي و الختباء، انتشر الجميع و اتكأ الجنون على الشجرة و باشر العد ، بدأت كل الفضائل و الرذائل بالاختباء.

اختبأت الخيانة في كومة من الزبالة و اتخذت الرقة مكاناً فوق القمر أما الولع فقد ذهب بعيداً و أخفى نفسه بين الغيوم أما الشوق، فقد لجأ إلى باطن الأرض الكذب كعادته: صرخ بأنه سيختبؤ تحت الحجارة رغم توجهه للاختباء في قعر البحيرة استمر الجميع بالتخفي بينما الجنون يعد، خمسة و ثمانون، ستة و ثمانون...

في تلك الأثناء كانت كل الفضائل و الرذائل قد تخفت ، إلا الحب ، و هذا ليس غريباً ، فالحب كعادته لا يقدر على اتخاذ القرار ، و كما عرف عنه فإنه لا يستطيع التخفي و كلنا يعرف كم هو من الصعب أن يختبئ الحب أو يختفي وصل الجنون إلى نهاية تعداده.

و حينها قرر الحب أن يقفز فجأة في باقة من الرد وجدها أمامه صاح الجنون : تسعة و تسعون،مئة، أنا آت، أنا آت إليكم.

كما توقع الجميع ، الكسل كان أول الخاسرين ، فهو كعادته لم يحاول بذل أي قدر من الجهد لإخفاء نفسه أما الكذب فقد انقطع نفسه و استسلم خارجاً من البحيرة كانت الرقة مكشوفة على سطح القمر، و لم يبذل الجنون أي جهد في العثور على الشوق ، كان الجنون محظوظاً في لعبته ، فقد وجدهم جميعا دون عناء ، إلا الحب، فقد جال الكون كله في محاولات يائسة للبحث عنه بحث و بحث و بحث لكن دون جدوى.

إلا أن جاء الحسد و قام بوضعة بصمته قائلاً للجنون : الحب يتخفى في باقة الورد ركض الجنون إلى الورد ملتقطاً شوكة خشبية كالرمح مستعملاً إياها في طعن الورد بشكل عشوائي و طائش ليجبر الحب على الخروج استمر الجنون في طعناته إلى أن سمع صوت الحب باكيا لأن الجنون قد أصابه في عينه و جرحه ندم الجنون على عملته صائحاً : يا إلهي ، ما هذا الذي فعلت!!ماذا أفعل!! لقد تسببت في إصابة الحب بالعمى

أجابه الحب بصوت ضعيف : لن يعود بصري إلي يوماً بعد الآن ، لكن ما زال هناك ما يمكنك أن تفعله: كن دليلي و هذا ما حصل من يومها ، يمشي الحب جميع خطواته أعمى ، و الجنون يقوده.