طالما سألت نفسي كثيرا أيهما أدى للآخر العمل الأدبي رواية أو مسرحية أو فليما أدى لانتشار الفساد أم الفساد هو من أدى لظهوره؟

آنتشر الألفاظ الخارجة والخادشة للحياء هو من أدى لظهورها في العمل الأدبي أم العكس ؟

وقس على ذلك.

لكنني اهتديت لأمر وهو أن الواقعية المزعومة لا ولن تؤتي ثمارها، كيف وهي تبلور القيم الفاسدة والألفاظ الخارجة!

وهنا تذكرت كلام المختصين في التربية عندما يقولون إذا قال الطفل لفظة خارجة لا نقوم بتكريرها أمامه حتى لا يعاود ذكرها؛ فالأعمال التي تتخذ من الإسفاف لغة ومن الرذيلة موضوعا لا تحل المشكلة بل تزيد الأمر سوء بجعله متقبلا أولا، ثم شائعا وبعدها تيجيء مرحلة التقليد بدافع الفضول ثم يصبح عرفا عاما.

ولو تابعنا تاريخ الأدب لوجدنا ما أقوله شاخصا، البعض قد يقول إنها نبوءة المؤلف؛ لكنني أراه توجيه المؤلف الناس لأمر ما، سيعارضه الجيل الأول ثم يتلقفه الجيل الثاني بمنتهى الحفاوة.

وسأعطي مثالا من الواقع من المعلوم أن الراقصة في بداية 1900 وقبلها كانت مهنة محتقرة وغير مرحب بها، وقد اشتغلت الدراما المصرية على الأمر حتى سمعنا جملة أنور وجدي الشهيرة :"الراقصة أشرف منكم يا ولاد الباشوات"، حتى أصبحت مهنة لها نقابة بينما المترجمين في مصر ليس لديهم نقابة!

لا شك أن التدخين مضر جدا بالصحة ولكنك تجد في أفلام السيتنات الظابط ورجل الدين والطبيب هم من يعطون السجائر للبطل!

فهل السجائر كانت منتشرة لهذه الدرجة أم العمل هو من جعلها تنتشر؟

هناك كثير من الألفاظ الخارجة والتي بها إسفاف لم نكن نسمعها ثم بعد انتشارها في الافلام بغرض الضحك صارت تقال عادي، بالرغم من وجود بدائل كثيرة توصل نفس المعنى دون أي إسفاف أو خدش حياء.

ومن هنا أعاود طرح سؤالي هل تلك الأشياء ظهرت في الأعمال الأدبية لكثرتها، أم أن الأعمال الأدبية هي التي سببت في انتشارها، أم أنها علاقة تأثير وتأثر، فالأدب يتأثر بالموجود ويؤثر على الناس؟