رسالة من المجتمع..

نحن نخشى أن نناقش الأفكار الدينية السائدة حتى لاندخل النار, ونخشى أن نعارض قرارات الحكومة حتى لاندخل السجن, نخشى من عصيان رب عملنا حتى لانطرد من وظيفتنا, نخشى أن نقول الحقيقة حتى لايتم تركنا, نخشى أن نفعل بعض الأشياء التي لم يعتدها مجتمعنا حتى لايتم نبذنا, نسعى لأن نكون عاديين مثل جميع الناس حتى لايقال بأننا مجانين, نسعى لارضاء الآخرين حتى لايغضبوا منا, نخاف من بدء مشروع خوفا من أن نخسر, نخشى من تقديمنا رأيا ما حتى لايتم الضحك علينا, نخشى من أن نخطئ حتى لايتم السخرية منا, نسعى لترك الآخرين يقررون كيف ستكون حياتنا حتى لايلومونا عندما نفشل, نخشى من كل شيء فقط لاننا نخاف من مجتمعنا, نخشى لأن مجتمعنا جعلنا نخشى, نخشى لأن بعض المعتقدات جعلتنا كذلك, نخشى لأننا بالفعل تعلمنا دائما كيف نخشى .

الخوف متغلغل في عقولنا نحن العرب, واحد من أسباب ذلك أننا تربينا عليه منذ صغرنا يخوفوننا من العصا والحبس في غرفة مظلمة, من الحرمان من النقود, من دخول النار في الآخرة, ومن المخلوقات الخرافية, من المستقبل ومن كل شيء تقريبا, لقد كان للخوف الذي استولى على طفولتنا أثر تغلغل في كل جزء من أجسادنا, لقد تعلمنا جيدا كيف نخاف وكيف نخشى, ليس في أسرتنا وحسب بل في مجتمعنا أيضا فالأسرة التي نحيا وسطها ماهي إلا جزء من هذا المجتمع البائس الذي ربانا تربية جعلتنا نمرض ونعجز لدرجة أن هذا المرض سلب منا القوة للحياة لقد امتص كل ذرة من إرادتنا لكننا عرفنا كل شيء فعلتموه في القبل لذلك سنستعمل الأشياء السيئة التي منحنا إياه هذا المجتمع كوقود فيما بقي من الطريق .

إن الحالة التي يمكن أن ترينا درجة الخوف التي علمنا إياها مجتمعنا يمكن أن نكتشفها فقط عندما نكون وحدنا, فنحن لانحترم قوانين المرور في عدم وجود شرطي المرور, ولانؤدي عملنا بإخلاص إلا بوجود رب عمل , نحن لانصلي إلا عندما نجد بأن شخصا يراقبنا, نحن لا نقوم بالأعمال على شكل جيد إلا خوفا من الرقباء, فالناس يغيرون سلوكهم جذريا عندما يعلمون أنهم مراقبون, حيث يفعلون مايتوقع الآخرون منهم فعله, تفاديا للعار والإدانة ويفعلون ذلك عبر الالتزام بقوة بالممارسات الاجتماعية المقبولة بالبقاء ضمن الحدود المفروضة, متجنبين أي فعل يمكن أن يرى على أنه منحرف أو شاذ, وعلى هذا الأساس فإن مجموعة الخيارات التي يراعيها الناس عندما يعتقدون أن الآخرين يراقبونهم تكون أكثر تقيدا بما لايقاس مما يمكن أن تكون عليه عندما يتصرفون في عالم خاص, إن الخوف يؤدي إلى تقييد حرية المرء في الاختيار .