كم خلاف بيننا سببه أننا نفهم الكلمات ولا نفهم قصد قائلها؟

دائما ستجد من يفهم أو يحاول فهم كلامك بطريقة خاطئة، لأن مدى تقبلنا وفهم ما يقال يعتمد على مشاعرنا أكثر من النظرة الموضوعية.

طرحك هذا ذكّرني بتلك القصص العابرة التي أصادفها مع بعض البالغين الذين ما زالوا يفكرون بعقلية المراهقة، ويلقون فشلهم على غيرهم، وخاصة على أهلهم.

يحيرني شاب يعيش في بيت لا يدفع فيه لا إيجارًا ولا فواتير كهرباء أو غاز أو ماء؛ حتى رصيد الهاتف والإنترنت يتكفّل به غيره. مصروف أسبوعي، دعم مالي بعد سن البلوغ، ومتابعة للمصاريف الجامعية حتى بعد التخرج… ثم يصف أباه بأنه غائب دائمًا، أو أن دعمه المالي غير كاف، أو أنه يقيد حريته، أو أنه “مزعج يوم الجمعة”.

الابن يقضي يومه بين الخروج والسهر، لكن الأب يعرف ما قد يحدث بعد منتصف الليل في الحي، الأب قد يعمل لأكثر من اثنتي عشرة ساعة، وفي حالات يضطر إلى العمل لساعات إضافية، أو لإنشاء مشاريع جانبية فقط ليحافظ على مستوى العائلة. أب لم يشترِ ثيابًا جديدة لنفسه منذ خمس سنوات، ويقضي يوم الجمعة في إصلاحات المنزل لتقليل تكاليف الصيانة.

ومع ذلك، قد نجد مراهقًا همه الأكبر هو إبهار الفتيات بالملابس، وتزييف وضعه الاجتماعي، والشعور بالخجل من والديه.

كلنا كنا مراهقين من قبل، وتعاملنا مع مشاكلنا – إن كانت أصلًا مشاكل حقيقية – بطرق تتراوح بين السيئ والأسوأ، ونجونا فقط لأن هناك من يتحمّل اللوم بدلًا منا. أقصى العقوبات كانت صراخًا لثوانٍ أو مصادرة بسيطة لشيء من الرفاهيات، وربما التلفاز فقط ولأسخاص آخرين (الحزام vs الصندل والعياذ بالله).

أساليب التربية تختلف باختلاف الزمن والثقافة. مفاهيم كانت مقبولة أصبحت مرفوضة، وأخرى كانت عيبًا أصبحت عادية.

ثم يأتيك من لم يتجاوز عمره العقلي ثلاثة عشر عامًا ليخبرك أن “جيله مختلف عن جيل والده”. سأعطيك حقيقة :

لكل دولة حدود وسيادة. إن كنت تريد نظامك الخاص، فعليك إما الإطاحة بالنظام القائم، أو التوصل إلى اتفاق هدنة، أو تأسيس دولتك الخاصة لتمنح “رعاياك” الحرية التي افتقدتها.