هناك شعور، يمرّ بنا جميعًا عند أول لمحة في عالم جديد، أو حين نغوص في بحر لم نسبح فيه من قبل: شعور بالغشيمية.

لكن ماذا لو أخبرتك أن هذا الشعور ليس عيبًا، ولا دليل ضعف، بل دليل وعي؟

أسمّيه سياق الغشيمية الإبداعية، لأنه اللحظة التي تدرك فيها كم أنت مبتدئ، وكم أمامك من مجهول، وكم يحدك الفضول لتجاوز هذا المجهول. في هذا السياق، الغشيمية لا تُثقل كاهلك، بل تمنحك خفة الانطلاق والفضول الجريء، فتبدأ التجربة بلا خوف من الخطأ، بلا رهبة من أن تُسجّل المراتب الأولى ناقصة، وبلا شعور بأنك “غير جاهز”.

في سياق الغشيمية الإبداعية، كل فكرة صغيرة تُكتب، كل تجربة جديدة تُجرب، وكل سؤال يُطرح، هو علامة على أنك تفكر صح. هذه اللحظة ليست نهاية الطريق، بل أول خطوة متواضعة على الطريق الصحيح، خطوة تُثبت أنك واعٍ بما تفعل، وأن عقلك مفتوح للمعرفة قبل الحكم على نفسك.

الأهم أن هذا السياق يجعلنا نتعامل مع الأخطاء وكأنها وقود للمعرفة. لا خوف من الفشل، لا صمت أمام المجهول، بل فضول فاعل. ومن يدرك قوة هذا السياق، يجد في كل شعور بالغشيمية إشارة بأننا على الطريق، لا أننا خارج المسار.

إنها لحظة سحرية، لأنك حين تحتضن شعور الغشيمية الإبداعية، تتحرر من أحكامك السابقة، وتفتح بابًا للتجربة، للتأمل، وللنمو الحقيقي. وكل من يبدأ هنا، حتى وإن شعر بأنه غشيم، يكون في الحقيقة في قلب عملية الوعي والفهم، حيث تُخلق الأفكار الكبيرة من بذور البداية الصغيرة.

الغشيمية الإبداعية: ليست نقصًا، بل بوابة نحو وعي أعمق، وفهم أوسع، وطريق يبدأ بخطوة واحدة متواضعة، لكنها حقيقية.