في ثقافات كثيرة، لا سيما مجتمعاتنا العربية، تتحول العلاقة بين الرجل ووالدته إلى علاقة ثلاثية فور دخوله في ارتباط عاطفي. فجأة، تصبح والدته المرجعية الأخلاقية والجمالية والذوقية لكل ما يتعلق بالمرأة التي اختارها، وكأن تقييمها مقدّس، وكأن رضاها تصريح مرور للفتاة إلى قلب ابنها، ومن ثم إلى قلب العائلة.

لكن… هل المرأة التي لا تُعجب والدتك فعلًا سيئة؟ أم أن هناك خللًا في معيار "الإعجاب" نفسه؟

في كثير من الأحيان، لا يكون رفض الأم مبنيًا على صفات موضوعية أو سلوكيات مرفوضة لدى الشريكة، بل على تصورات مسبقة، منافسة خفية، أو حتى اختلاف في الطباع. ربما لأنها ليست "نسخة طبق الأصل" مما كانت تتمنى، أو لأنها لا تشبهها.

وفي أحيانٍ أخرى، يُبنى رفض الأم على صورة نمطية راسخة: "البنت دي مش من مستوانا"، "لبسها مش عاجبني"، "ليه بتتكلم كتير؟"، أو الأسوأ: "حاساها قوية زيادة عن اللزوم".

هكذا تُختزل المرأة —التي ربما تكون ذكية، طيبة، حنونة، ومتفهمة— إلى مجرد مجموعة صفات سطحية لا ترضي ذوق الأم. فيُجبر الرجل على اتخاذ قرار: إما الانصياع وقطع العلاقة، أو المواجهة وتحمل صراع طويل.

لكن السؤال الأهم: لماذا يجب أن تُرضي المرأة الجميع كي تكون "جيدة"؟ لماذا يتحول القبول العائلي من مساحة طبيعية للتعارف والتفاهم، إلى امتحان قاسٍ تفشل فيه أغلب النساء فقط لأنهن لسن "مرضيات" بما يكفي؟

وهل الرجل نفسه، يُحاسب بنفس المعايير حين يتقدم لخطبة فتاة؟ هل يُشترط أن يُعجب والدها أو تنبهر به أمها ليكون جديرًا بها؟

لقد آن الأوان أن نعيد التفكير في هذا النموذج. العلاقات تُبنى على التفاهم، المودة، الشراكة، لا على محاولة نيل رضا الجميع — خاصة من لم يختاروا الشريكة، ولم يعيشوا قصتها، ولا يعرفون أعماقها.

والآن أطرح عليكم السؤال:

هل فعلاً رضا الأم هو مقياس صلاح المرأة للزواج؟ أم أننا نستخدمه كذريعة للهرب من مسؤولية قراراتنا؟