كنتيجة للتقدم الإنساني في هذا العصر ازداد طموح الإنسان في الحصول على أفضل حياة من كل النواحي؛ لكن عندما نبالغ في توقعاتنا على حساب الواقع سيزودنا ذلك بخيبة الأمل.

قد أصبحت معايير العصر الحالي شديدة الارتفاع وتحفزنا أن نسعى للشكل الأفضل في كل شيء: فعلينا نفسياً أن نكون الأسعد والأقوى، وفكرياً يجب أن نكون الأسمى والأرقى، ومادياً يجب أن نكون الأكثر قدرة على الكسب، ومهنياً يجب أن نكون الأكثر اجتهاداً، ويجب أن نكون الأكثر ذكاءاً وفطنة ومرحاً، وعلاقاتنا متوازنة وكل الأمور تسير بشكل جيّد في كل وقت..

كل ذلك يضغط علينا لنلوم أنفسنا لو لم نصل إليه، يقول الصحفي الفرنسي جان لوران كاسلي: "فإذا لم تنجح أن تكون غنياً أو سعيداً أو بصحة جيّدة أو مرتاح البال أو مفعماً بالحيوية، فإنك لم تبذل الجهد الكافي لبلوغ ذلك. ومن ثم، فأنت تستحق مصيرك بشكل أو بآخر"

لخصت تلك المقولة النظرة العصرية للإنسان، إذا لم يصل للأفضل فهو الملام وهو المقصر فكل إنسان يستطيع - بل يجب عليه - أن يصل للقمة في كل شؤون الحياة، وإذا لم يستطيع الوصول فهو متقاعس.

لكن تلك النظرة العصرية تنسى إن طبيعة الحياة هي الارتفاع أحياناً والانخفاض أحياناً أخرى، وإن الحياة ستعج دائماً بالأخطاء، وإن السعادة لا يمكن الشعور بها على طول الخط، ولا ينبغي أن نرى عدم تحقيق الكمال في كل نواحي الحياة بإنها مشكلة يجب علينا معالجتها، ولو لم نعالجها نكون مقصرين.

برأيك، كيف نضع الحد الفاصل بين الطموح الذاتي وبين ضغوط المعايير الثقافية الساعية للكمال والرافضة للشكل الطبيعي للحياة؟