كيف يصبح الإنسان مصرًا على الاستسلام؟

كنت في جلسة على المقهى مع شخص أعرفه منذ فترة لكن لا تجمعنا علاقة قوية، رأيت هتمامه بعدد من القضايا العلمية والفلسفية واهتمامه بالتدوين عنها، فدعوته لحديث شيق، وأن انتهينا، وعرفت ما لديه من ثقافة جيدة، ورؤى رائعة، وجدته يعاني من مرض الاكتئاب. 

الاكتئاب

إن الاكتئاب واحد من الأمراض المنتشرة، حتى أن أحدهم قد يعده شيئًا عاديًا إذ يقول "أنا مكتئب لبعض الوقت"، لقد سجل الاكتئاب حالات انتحار، منهم نجم Linkin park (شيستر) الذي أحبه شخصيًا، لكن المجتمع لا يأخذه على محمل الجد، ويقولون أن الشخص يدعي ويتدلل، لكن نحن نعرف أن أحواله المتقدمة لها شئون مُضنية. 

المشكلة التي لا أستطيع تفسيرها

لقد حكى لي الشاب عن مشكلته مع الاكتئاب، محاولاته للعلاج، ترك كلية الهندسة لعلها كانت المسبب في اكتئابه، لكن استمر معه الاكتئاب، خضع للعلاج مع الأطباء، تناول أدوية وخضع لجلسات كهرباء، لكنه لم يتخلص منه، قلت له أن لدي بعض المقترحات ليحدث تقدم نسبي في حالته، قال "حسنا، قل ما عندك، لكني لن أنفذه"، وانتقل الحوار إلى أنه لن يحاول أن يتعالج، هو يرفض أي طريقة للعلاج، ويصمم على هذا، لكنه أضحى يعامل مرضه كأنه حقيقة علمية، ان هذا المرض لن يذهب، وأنه لا ينوي حتى محاولة علاجه بأي طريقة. 

في الحقيقة لم أتعود أن ألقي باللوم على أحد وأنا لم أوضع مكانه، لكن ما أنا متأكد منه هو أن لذلك بذور عميقة، فما الذي يزرع في الإنسان الإصرار على الاستسلام؟ وما هي العوامل التي تجعله يرضخ لمشكلة متسلطة عليه في رأيك؟ 

في رأيي الشخصي هو أنه رفض الحل من البداية، وبينما كان يتطور مرضه كانت تتطور رغبته في عدم الحل، أي أنه كان يذهب للعلاج وهو مصر على أنه لن يتعافى، إذ كانت هذه نبوءته التي سعى لتحقيقها، وقد كان، لكني لا أعرف كيف ولدت هذه النبوءة.