جميعنا نُدرك أن تربية الأطفال من أصعب المهام على وجه الكرة الأرضية، حتى بالنسبة لمن لم يخُض غمار التجربة بعد! نعلم أن تنشئة أطفال أسوياء عُقلاء في زمن كثرت به التّرهات والتفاهات بات أمرًا صعبًا للغاية!

كما أننا لسنا مثاليون، نُخطئ ونُصيب ونتعلّم خلال تربيتنا للأطفال. ولعل أحد أبرز الأخطاء التربوية التي نقع بها "بين الحين والآخر" هي استجابتنا لتلبية معظم مطالب أطفالنا بحسن نية وتعاطفنا معهم ومع حداثة سنّهم، وشعورنا أن تلبية هذه الرغبات ينم عن حبّنا لهم ويُشعرهم بتقدير جهودنا في سبيل إسعادهم.

وإن كان الاعتدال أساس الأمر، فلا عيبَ في ذلك. لكن ما يحدث بصفة عامة أن العديد من الآباء والأمّهات يخلطون بين "تلبية الحاجات" و "التساهل والتدليل" في التربية.

فالأول مرتبط بتلبية احتياجات الطفل ليكون سويًا سعيدًا ممتنًا، والثاني يترتب عليه مفسدة تربوية عظيمة الشأن، وهي إنشاء طفل مادي يغلب عليه تقدير مادة الأشياء لا قيمتها المعنوية.

وما نقصده بالطفل المادي، هو الطفل الذي يمنح كل شيء في حياته تقريبًا سعرًا وقيمة مادية. لا ينظر للأشياء من قيمتها المعنوية أو يمنحها الاهتمام، إنما يعتبر كل شيء له مقياس مادي، وقد يتعامل حتى مع أقرانه على هذا المنوال، فينتقص من آخرين أقل منه في المستوى المعيشي، وينظر إليهم أنّهم أقل منه شأنًا.

الخبراء في التربية يجدون أن تحديد مقدار الأشياء التي نمنحها للأطفال مهم في تعليمه إدراك قيمة الأشياء والاهتمام بها. ويعتبرون أن الوفرة من أبرز العوامل التي تُفسد نظرة الطفل للأشياء والحاجيات. والسعي المتواصل لتلبية رغباته مرتبط ارتباطًا وثيقًا في إفساد شخصيته وتحويله إلى إنسان مادي مستقبلًا.

برأيك عزيزي المتابع، ماذا عسانا أن نفعل كي نتجنّب تنشئة أطفالنا بشخصيات مادية؟ خاصةً في هذا الوقت من الزمان، حيث بات كل شيء تقريبًا له سعر ومادة! ويُقاس المرء بما في جيبه لا بما في عقله!