أكثر ما غيّرت أهميّةً في السنة الأخيرة، هو تعديل على جدول دراستي، حيث لا أقرأ بعد وقت العشاء، والذي يكون بين السابعة والثامنة من كل يوم، أحاول أن أضغط كل شيء يخصّ الدراسة في الفترة بين 9 صباحًا إلى 7 مساءً، وباقي اليوم لي، راحة واستجمام.

لهذه الطريقة فوائد لا تُحصى على نفسيّتي، فوجود وقت محدّد للدراسة يُجبرني على أن أعصر كل ما يُمكن أستغلاله من الساعات المتوفّرة، بخلاف لو كان اليوم كلّه متاحًا، ذلك قد يُرخي من عزمي.

شعور أنّك "تُطفئ" أجزاء عقلك التي تُعالج هموم يومك الدراسي، في نهاية اليوم، شعور مُمتع بحق، ولا يُصاحبه تأنيب للضمير عادة، لأنّ الأمر مُخطّط له مُسبقًا.

ولو أسترسلتُ في الفوائد، أجد أنّ هذا يطيلُ من نَفَسي الدراسي، فلم أعد أشعر أنّي "أحترق" بسرعة، الجدول الطويل الذي ينتهي بالنوم، مُرهق جدًا، ولا يقدّم تجديدًا للعقل، ممّا يضعك فريسة للإرهاق، سابقًا لم أكن أضع 3 أيّام متتالية من الدراسة الجدِّية، الآن توزّع هذا، وربما يمرّ أسبوعان قبل أن يهجم عليّ يوم مُرهق.

الفائدة الأخيرة، وهي متصّلة بالتي قبلها، وسبب كتاباتي للموضوع، هو أنّ هذا يُحفزّني على العودة غدًا بحماس أكثر، خصوصًا عندما أعرف أنّ هناك مهام لم أكملها تمامًا.

العقل يشتهي أن تنتهي المهمّة التي بين يديه، حتّى يتسنّى له نسيان تفاصيلها، والانتقال إلى أخرى، وهذا يُسمّى بتأثير زيكارنيك.

عندما لا أشعر أنّي وضعت كل ما عندي اليوم، يراودني دائمًا شعور للتعويض غدًا، يُعيدني أسرع إلى مكتبي، ممّا لو شعرت أنّ اليوم كان عظيمًا.

تأثير المهام غير المنتهية هذا، أستفدتُ منه أيضًا في أمرين مهمّين، القراءة والكتابة، ففي القراءة، عندما أصل إلى فصل شيّق في كتاب ما، وأشعر أنّ أنهاء هذا الفصل سيكون نهاية اليوم، أتركه وأنا متعلّق بهذه التفاصيل المشوّقة، هذا سيعيدني اسرع للقراءة في المرة القادمة عمّا لو انهيت الفصل المشوّق. ثقل البداية عسر على النفس دائمًا، بخلاف شوق شيء غير منتهٍ.

والحال ذاته ينطبق على الكتابة، عندما أكتب فقرة ما، وأشعر أنّها الأخيرة لهذا اليوم، فلا أتمّها، أعرف بالضبط ما يُمكن أن أنهي به الفقرة، لكنّي أتركها وهي لم تنتهِ بعد. وجدتُ هذا يُعيدني إلى الكتابة مرّة أخرى، أسرع ممّا لو أنهيت الفقرة، وأغلقتُ الموضوع.