مؤسسة الزواج كانت متماسكة جدًا سابقًا، بالتأكيد حضرتك أعراس لأقاربك وأنت طفل واستمتعت بحضور كل الطقوس المدبرة للقاء الطرفان من قبل الأهل، وتعرفهما على بعضهما البعض مرة وراء مرة تحت رقابة الأهل وفي الغالب إتمام الزواج دون تعقيدات كثيرة كالتي نراها اليوم، دون اختبارات ودون تعمق في شخصي كلًا من الطرفين، غالبًا كان في ذهن كل المتزوجين أنه سيخوض رحلة التعرف والتأقلم مع الطرف الآخر وهما في بيت واحد ويجمعها غرفة واحدة.

هناك سبب مهم جدًا يتفق عليه علماء النفس عن نجاح العلاقات سابقًا الزواج أو غيره، ولكن خصوصًا الزواج، لأن الزواج المدبر العلاقة تقوم فيه على العطاء بدلًا من انتظار استقبال الحب وتبعاته، أيًا كانت التبعات التي تنتظرها، لكن في الزواج المدبر أنت تقوم بتأدية ما عليك دون انتظار من الطرف الآخر ليثبت لك شيئَا لأنك بالأصل لا تنتظر منه شيئًا! لا توقعات ولا استباقات، بينما في زيجات الحب في الغالب تنتظر في كل خطوة أن يوقم الطرف الآخر بإثبات حبه لك حتى وإن كان ذلك عبأ على عاتقه، فالبتبعية أن تطالب الآخر دائمًا وتنتظر دائمًا دون أن تلتفت لنفسك لتقول علي أن اقوم بهذا لأجله!

كان هذا هو التفسير النفسي الذي يتفق عليه غالبية علماء النفس لتفسير لماذا كان الزواج المدبر فعالًا أكثر من الأنواع الأخرى، وقد نتج من هذه المؤسسة الفكرية بيوت عمرت تعميرًا عمريًا كبيرًا ونتج عنه الكثير من الأجيال، نتج عنه نحن، والآن نحن نرى اختلافًا كبيرًا في المجتمع، نرى طرفين، طرف يتزوج عن حب وطرف يمشي على خطى آبائه وأجداده، لكن للأسف تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وصلت حالات الطلاق لنسبة مرعبة وهي أربعون في المئة من حالات الزيجة الكلية! وبين تلك الزيجات التي كانت مدبرة فالانفاصالات هي الأكثر وهي الغالبة! وأصبحت الزيجات عن حب هي الزيجات الأكثر لفتًا للانتباه والأكثر ايحاءًا بحياة رومانسية وتوافق عاطفي!

الملفت للانتباه أن هذه الزيجات المدبرة اضفي عليها رداء ديني كونها تحظى فقط بمدخل شرعي وهي الجلسة الشرعية مع العلم أنها لا تختلف في سياق سيرها كثيرًا عن الأخرى صاحبة البداية الرومانسية، الاختلاف فقط في طريقة بدء العلاقة!

فما الذي حدث؟ لماذا لم تعد هذه المؤسسة قادرة على تأدية دورها في تكوين أسر سوية؟ ولماذا أصبح الكثير من الشباب يلجأ للمعرفة الدقيقة المسبقة بالطرف الآخر حتى يخوض علاقة واقعية والتحام حقيقي على أرض الواقع؟