رحم الله جيلا عمل فاستحق أن تكون له بصمة،يشتهر بها في أجيال من بعده.أما الآن في عصرنا الحاضر مع تغير الكثير من المفاهيم: فإننا نجد أنه قد انقلب مفهوم الشهرة من المعرفة والبصمة الخالصة،الفوائد والإنجازات إلى لمسات متعددة، تجمع بين ألوان مختلفة من هوامش الحياة وشؤونها، دون أن تحمل في ثناياها فائدة يستنسخها من يشاهدها أو يلتمس منها نفعا.

والمشكلة الحقيقية أن بعض أهل الشهرة رغم سطحية ما اشتهروا به: أصبحوا هم القدوة للكثيرين من الجيل الناشئ.

ففي معظم مواقع التواصل الإجتماعي(فيسبوك، سناب شات،انستغرام،تويتر،تيك توك...)تتفاوت أسماء العارضات والعارضين و صناع المحتوى في تسابق على أرقام المتابعين المقدرة بمئات الآلاف،وربما الملايين، لأنهم يقدمون صورتهم في أزياء ومستحضرات ومنتجات لا تضيف قيمة تتناسب مع شهرة صاحبها،فهذا يحرك شفتيه على أنغام أغنية فيحصد مئات ملايين المشاهدات بلا أي سبب منطقي لهذا، وتلك تعتمد صورة الجسد لحصد المتابعين،وذاك يسوق لغته المرضية، وآخر يصور محتوى ساخرا عن أسرته وعن يومياته، وإلى آخر تلك القائمة الطويلةوالتي قد تكون غالبها ترفيهي لكن لنسأل بطريقة علمية،ماذا حصل المجتمع من ذلك؟!.

وهكذا أصبحت الشهرة للكثير من المراهقين خصلة سهلة المنال،فهي لا تحتاج لعلم ولا تميز،خلق،ولا حتى ثقافة؛لكونها فارغة المحتوى حتى أصبحت ظاهرة مرضية، ووباء اجتماعيا سريع الإنتشار، يتنافسون عليه ويتباهون بكثرة المتابعين لا بمحتوى ما قدموا.وباتت وسائل التواصل الإجتماعي من أهم أدوات الشهرة؛ لتوثيق كل لحظة وكل حدث،وبشكل مباشر.مع امكانية التفاعل مع المتابعين، ومعرفة ردود أفعالهم تجاه كل حدث.

حقا إن الشهرة في زمننا هذا تعارضت مع المنطق والواقعية وأصبحت شهرة عكسية مضرة في أكثر جوانبها، وغطت على الشهرة التي من المفترض أن تنفع الناس في دينهم ودنياهم،وأصبح المشاهير مشاهير بلا شيءومحتوى فارغ إن لم يضر فلن ينفع.