في أيام العيد الماضي شاهدتُ أحد الأفلام العربية يحملُ إسم " ليلة رأس السنة "، وهو فيلم يتحدث عن طبقة مُعينة من المُجتمع، وهي الطبقة العُليا المتحررة التي تحمل العديد من التناقُضات الأخلاقية، والتي تُمثل للطبقة المتوسطة إنحراف أخلاقي غير مقبول .

كان الفيلم مُفاجيء بالنسبة لي، ولكن لا أعلم لماذا لم أشعر بالإنزعاج من المُحتوى المُخالف لثقافتي وبدأتُ أتقبل فكرة وجود أشخاص أخرين بثقافات مُختلفة وأخلاقيات غريبةٌ عني، ولا يعني ذلك أن أُقلل إحترامي لهم !

صادفتني بالأمس رواية تحمل إسم " بنات حواء الثلاث " وهي رواية تحمل جوانب مختلفة في الحياة والدين والأخلاق، وتتجسد في ثلاث فتيات، إحداهن من عائلة مُتدينة، والأخرى معتدلة التديُّن، والثالثة مُلحدة، وكذلك كُل منهن تربّت على أخلاقيات وثقافة مُختلفة، تجمع بينهن صداقة؛ لم أُنهي الرواية حتى الأن، ولكن استوقفتني الفكرة والتي لمستُ فيها جانب من تقبُّل الأخرين رغم الإختلاف بيننا، ولكن السؤال الحقيقي يدور حول إمكانية وصول هذا التقبُّل إلى صداقة أو علاقة قوية .

في السنوات الأخيرة وبعد ظهور مواقع التواصل وإنفتاح العالم، أصبح من السهل أن تجمعنا صداقات بأشخاص من جنسيات وثقافات وأديان مُختلفة، ونكّن لهم كل الإحترام، ولكننا لا نُطبق ذلك مع بعضنا البعض، فتجد الرجل يحترم صديقته الأجنبية اللادينية مُتعددة العلاقات، وربما يصل الأمر إلى زواجه منها، وفي الوقت ذاتُه يحكُم على الفتاة العربية بأنها بدون أخلاق إذا كانت لم ترتدي الحجاب أو لم ترتدي الملابس التي تربى على رؤيتها على النساء في بيئته، أو كانت لها علاقة عاطفية من قبل، رغم أننا نحن العرب أصبحنا من ثقافات وطبقات مُختلفة .

وكذلك تجد النساء يفخرن بثقافة الرجل الأجنبي وتعامُله مع المرآة وكيف تكون الحياة بينهما مبنية على التعاون والمٌشاركة في كل شيء حتى الأمور المالية، وفي نفس الوقت تتعامل مع الرجل العربي بأنه ليس رجلًا ويتم وصفه بأبشع الصفات إذا سألها عن إمكانية المُشاركة معه في إلتزامات المنزل المادية !

لا أبحث عن تحليل دبلوماسي كالكلمات التي تقول أننا العرب نغار على عروبتنا وأخلاقنا وثقافتنا ..... وغيرها من الصفات التي لا تتعلق بما أتحدث عنه، فأنا لا أرى هُنا سوى تناقض غير مُبرر، و إزدواجية في الشخصية، يدفع ثمنها كل من الطرفين، فأعتقد أننا لم نصل بعد إلى السلام النفسي في تعامُلنا مع بعضنا البعض .

ما هو تحليلك لهذه الإزدواجية في الفكر من حيث الأسباب التي أدت إلى هذا التناقُض الذي مازال يعيش معنا حتى الأن ؟