كتب أبو بكرة إلى ابنه وكان بسجستان بأن لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان

فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان"

صحيح بخاري

كثرت الحوادث والمواضيع التي يشتكي منها مستخدمو خمسات المحظورون من الإجحاف في حقهم، وتكررها أرجعه إلى أن فريق الدعم الفني هو نفسه من يعاقب وأظن أن مكمن المشكلة ينطلق من هنا.

فريق الدعم الفني يتابع مئات الآلاف من المستخدمين ويمر عليه أخطاء ومخالفات كثيرة عدا عن الإجراءات المطلوب منه أن يتخذها، إذا فهو تحت ضغط كبير جداً، وهذا ما يدفعهم لأن يكونوا في حالة توتر شديد، هذا إن لم يكن قادماً من بيته وهو يحمل هذا التوتر، فيزداد الطين بِلّة.

عندما تحصل مخالفة ويصبح المستخدم هو المعني بها والتي سيتعرض إلى عقوبة تعصف بجهوده وربما مصدر رزقه، فإنه سيتحول إلى خصم شرس، فإن لاقى تعنتاً من قبل الطرف الآخر فسرعان ما سيعتبره هو الخصم المقابل وينقم عليه وعلى الموقع وربما على كل المواقع التابع للمجموعة.

إذا فنحن أمام حوادث يكون فيها طرفان بمثابة الخصوم، طرف هو المستخدم المخالف، وطرف هو فريق الدعم الفني الذي سيقضي وينفذ العقوبة.

فلا شك أنه لا يوجد قاضي يقضي على نفسه.

من هذه المعطيات أرى أن حل مثل هذه الأمور يكون بتعيين طرف ثالث سواء شخص أو أشخاص لا علاقة لهم بالدعم الفني، ومهمتهم هي فقط الفصل بين الخصومات، بحيث يسمعوا من الطرفين بحيادية، ومن ثم يقرر الحكم بناء على المعطيات الواردة إليه من الطرفين وبما يمليه عليه خبرته وفطنته، والأهم أنه ليس في حالة توتر كالتي عند فريق الدعم الفني.

كما أن هناك نقطة أخرى، أن الحاصل هو الصرامة والعقوبة المباشرة وعدم التجاوب المرن مع المخالف، مما يولد ردود فعل عنيفة يتحول بها المستخدم الذي يشعر بالظلم والتهديد بمصدر قوته، تتمثل بنقمة وحنق على فريق الدعم أولا وخمسات عموماً، خصوصاً إن قدم انكسارا وندماً في البداية واستمر الرفض وعدم التجاوب من قبل الطرف الآخر.

عدا عن تحوله إلى مُشهّر يقوم بالإساءة للموقع عبر منابر التواصل الاجتماعي.

أود أن أذكر أنه ينبغي على الطرف صاحب القرار ومنفذ العقوبات، أن لا تكون العقوبة هي الهدف، لأننا نحول إنسان من إنسان فاعل وخادم إلى ناقم ومعادي ومشهر.

الإدارة يجب أن تعامل مستخدميها كما يعامل الآباء ابنائهم، أن يكون الهدف الإصلاح وليس العقوبة ذاتها لأجل أنه خالف.

فالذي هو خير من الصرامة واتخاذ العقوبات مباشرة، هو أن يتم الوقوف على أسباب المخالفة ومحاولة توعية المستخدم بأن هذا مضر له ولسمعته وللموقع، وأنه في حال الاستمرار معرض لإغلاق الحساب، وتصفية الحسابات. ويعطى فرصة ليراجع نفسه ويدرك خطأه، فإن هذا حري أن يحوله من إنسان مخطيء إلى إنسان نافع ومفيد ويبقيه مستخدماً لدى خمسات أو غيرها، ونقطع الطريق على النفس والشيطان والهوى بأن يحوله إلى ناقم مضر. هذا عدا عن اهتزاز ثقة المستخدمين الآخرين، عندما يروا هذه الصرامة والحزم، فمثلا حظر مستخدم في حسوب I/O بشكل مباشر دون معرفة الأسباب والذي له نقاشات فاعلة وسمعته جيدة بين المتابعين، سيجعل باقي المستخدمين في حالة توجس وتخوف أنهم معرضون لنفس المأزق مما يدفع بالبعض المغادرة مبكراً مستبقاً تعرضه لموقف من هذا النوع، وأظن أن البعض لاحظ افتقادنا لعدد لا بأس منهم.

لهذا أعيد الاقتراح الذي قلته قبل قليل، أن يكون الهدف الإصلاح وليس المعاقبة، سواء في خمسات أو حسوب أو مستقل أو أي مكان.

نسأل الله أن يهيء لنا من أمرنا رشداً.