أرادت أن تنهي الجدال الطويل وفيض من الاتهامات التي تكال لها من زوجها بلا مبرر, فارتدت ملابسها وقررت الرحيل , اسرعت الى الباب وعيونها تراقب طفلتيها وهم يجروا خلفها , خرجت لا تدري الى أين المسير ؟! تجوب الشوارع معلنة رفضها للبقاء ببيت يعدم حياتها كل يوم الف مرة , وفجأة قادتها خطواتها الى قبر والدها , ارتمت على حجارة القبر وتمسكت بالحجارة وكأنها تحتضن والدها , صرحت : ابي لماذا رحلت وتركتني ؟ ! الا تعلم انك تركتني خلفك تتلقفني الهموم , وتحاك ضدي مأسي الدهر خطوبها .

لماذا تركتني لزوج جائر لا رادع له ؟! , ابي انهض من قبرك وتعال معي اريدك لجانبي , اريدك سندي , زوجي يراني ضعيفة لا ظهر لي , لا معين , فيتفنن بإيذائي , يمعن بقتل الروح التي تحيا فيّ , يريدنا آلة تتصرف بلا احساس , وقد غير مني الكثير , وكل هذا لا يجدي معه , اقصى ما استطيع اقل ما يطلب , ارضاءه محال .

ان جانبي الآمن بالحياة وعالمي الخاص السعيد دفن في ترابك يا ابي , فلمن ألجأ وكيف أقوى على حياة لست فيها ؟ .

كيف اردع تمادي البشر , وانا غدوت بلا قوة بعدك , لقد كسرني موتك يا ابي ,, لا حل ,, لا مخرج .

خطوات قادمة الى المقبرة جعلتها تتمالك نفسها وتمسح دموعها , قالت : اني اكلم حجارة , أالى هنا قادني اليأس !

مع ان حجارة قبر والدي أحن علي من ارواح تنبض بالحياة لكنها اشد قسوة من الحجارة , ولا يوجد على سطح هذه الارض احد الجأ اليه سوى حجارة قبر والدي .

فنهضت متجهة الى بيتها , فتحت الباب لتجد البنتان تتجهان صوبها وتتمسكان بثوبها خوفاً من خسارتها وحباً وايضاً شفقة ما منغرسة بلا ادراك , عانقتهم وسوت لهم امورهم من مأكل وملبس , ثم اخذتهم ليناموا , حكت لهم حكاية الاميرة والفارس , وعندما ناموا ازاحت وجهها الى الجهة الأخرى من الحياة .. وبكت بصمت

اسراء عبوشي