بما أنك بائع متميِّز مقارنة بزملائك، فإن آخر ما تحتاجه في هذا العالم هو أن تبحث عن نظام ممنهج ومرسوم ومؤطَّرٍ للعميلة البيعية. لماذا؟ لا يوجد بائع ناجح في العالم يبيع بالطريقة التي تعلَّمها من مديره أو من زميله أو من بائع آخر قابله أو قرأ عنه ومنه. وهذا المبدأ لا ينطبق على البائعين فقط، بل على كل المهن والممارسات البشرية. نعم، كلنا نعرف أن هناك مبادئَ عامة لكل صناعة، ولكنها تبقى عامة، ويصعب تخصيصها وتنصيصها وشقلبتها وقولبتها لتلائم كل الحالات والظروف. وعليه، فلن أعطيك وصفةً جاهزةً وذات خطوط عريضة أو دقيقة تتَّبعها، وبدلاً من ذلك، سأحدثك عما يمكنك فعله، ليس لتتعلم مني، وإنما لتبقى متفرداً ومتميزاً وذا نهجٍ خاص لا يضاهيك ولا يماهيك ولا يجاريك فيه أحد.

طبقاً لنظرية "التمتين"، فإن كل إنسانٍ يحتاج خمس نقاط قوة فقط حتى يتألق ويتفوق على نفسه ويبدع في مجاله، وبيت القصيد هنا هو اختيار المهنة والمسار الوظيفي الذي يلائم موطن قوته ومواهبه وسمات تفرده، بوعيٍ وشغفٍ وعزمٍ لا يلين.

يُجمع معظم خبراء التنمية البشرية وإدارة المواهب والاستثمار البشري على أن سمات الشخصية التي يمكن وصفُها وتحديد ملامحها، تتراوح بين 15 و35 سمة، ومتوسطها 25 سمة أو قدرة. ومن دون الدخول في تفاصيل فنية، فإن أشهر منظومتين لوصف سمات ونقاط القوة وسمات الشخصية البشرية هما اختبار: "مايرز وبرجز"، واختبار "جالوب"، اللذين وصفا 16 و34 نمطاً للشخصية على التوالي. ورغم الفرق المعروف بين نمط الشخصية ونقاط قوتها التي تشكل ذلك النمط، فإنك مثلي ومثل كل بني البشر، لا تحتاج إلا خمس نقاط قوة لتؤسس بها قواعد نجاحك.

لقد حددنا في "إدارة.كوم" خمساً وعشرين نقطة قوة أو موهبة، يمكن قياسُها واكتشافُ ما نملكه وما نفتقر إليه منها. ومن بين هذه القدرات الفطرية الكامنة، يمكنك بناء شخصيتك البيعية باختيار نقاط قوتك الخمس الأبرز وتمتينها لتزيد موطن قوَّتِك، قوةً. يمكنك مثلاً أن تحقق نجاحاً استثنائياً إن كنت تملك سمات: الجاذبية، والتركيز، والتواصل، والتنافس، والتنظيم. ويمكنك تحقيق نفس الدرجة من النجاح أيضاً إن كنت قوياً في خمس قدرات أخرى مثل: التحليل، وحل المشكلات، والمبادرة، والتخطيط، والاستهداف، وهكذا.

فماذا يعني لك هذا؟ هذا يعني أنك فردٌ وحدَك، وأن كلاً منا ميسَّرٌ لما خلق له، وأن إعطاءك وصفةً جاهزةً للنجاح في عالم المبيعات هو من قبيل لزوم ما لا يلزم، وكل ما عليك فعله هو الاحتفاظ بنمطك الحالي، والتمسك بزمام القيم والفضائل، والتشبث بالمبادئ الكونية والإنسانية الراسخة التي لا فكاك منها، وهي مبادئ حاكمة لا يمكنك تحقيق النجاح المنشود والسعادة على المدى الطويل إن خالفتها.

فما الثوابت والقواعد الأساسية للبناء على فطرتك ومواطن قوتك وقدراتك الكامنة؟

أولاً: اقرأ كل شيء ودوِّن في مذكرتك ما يعجبك ويدفعك.

ثانياً: اقرأ كل ما تستطيع في مجالات المبيعات والتسويق والاتصال والعلاقات الإنسانية وعلم النفس.

ثالثاً: اقرأ سِير وتجارب كبار البائعين العالميين على مر العصور، لتكتشف أن لكل منهم مدرسته ومنهجيته ووصفته وسيرته المختلفة.

رابعاً: تدرَّب ودرِّب وجرِّب، واسمع وتطوَّع، وغيِّر مجالَك ومسارَك الوظيفي كل خمس سنوات على الأقل، بعد أن تحدِّد في كل مرة، ما تريد تحقيقه قبل أن تبدأه.

خامساً: ركِّز على التطبيق لا النظرية، وعلى التجديد لا التقليد، وعلى الإبداع لا الاتباع، وعلى خدمة العملاء والآخرين، لا الربح السريع.

سادساً: يمكنك اختيار مرشد أو مدرِّب شخصي في مجالك، ولكن لتشاوره وتحاوره، لا لتنفِّذ تعليماتِه وتوجيهاته.

سابعاً: ثق بالله، ثم ثق بنفسك، وواصل مسيرتك، واصنع حظَّك وسيرتك.

بقلم: نسيم الصمادي

المصدر :