في وقت صار فيه الواقع أثقل من الأحلام، والغلاء أسرع من الخيال، يطل الفقير متفائلًا: سأنجب طفلًا يملأ حياتي بهجة، جميل... لكن من سيملأ ثلاجتك؟ ما يحيرني حقًا هو أن بعض الأسر الفقيرة تنجب أعدادًا هائلة من الأبناء، حتى إنك قد تراهم يتسولون في الطرقات، ومع ذلك لا يتوقفون! برأيكم هل من حق الإنسان أن يُنجب إذا لم يكن قادرًا على تأمين أبسط مقومات الحياة لأطفاله؟
في زمن ينهار فيه كل شيء، هل يحق للفقير أن ينجب؟ أم أنها أنانية مغطاة بالعاطفة؟
بالطبع تنظيم الإنجاب أمر مهم جداً ويجب مراعاته، ومن حق أى أحد أن ينجب الأطفال فهو حق مصون وأصل للبشرية، ومن أخذ القرار بالزواج فى البداية بالطبع يجب أن يأخذ فى الإعتبار النظر إلى الإنجاب وما يترتب عليه، لكن الفكرة أن الإنسان إذا قرر الإنجاب يجب عليه أن يقف مع نفسه ويفكر، ماذا على أن أفعل لكى أتحمل نفقات الإنجاب والأبناء، بالطبع يجب أن يأخذ بكل الأسباب لكى يوفر معيشة كريمة لهم ونحن فى هذا الزمن هناك العديد من الفرص المتاحة ويمكنك استغلال أى مهارة لتكسب منها رزقك.
وبالطبع لكل منا رزقه فمن سعى إليه بالحلال وفقه الله إليه.
هل للأب أو الأم الحق في الإنجاب؟ وليس للطفل حق في حياة كريمة؟!
أجد أن من يقرر الإنجاب وليس لديه مقومات أو موارد مالية أو حتى معنوية واستعداد لتربية الطفل وتوفير كل احتياجاته المادية والمعنوية فهو شخص أناني لا يُفكر إلا بنفسه وبما يريده فقط، الطفل إنسان وليس دمية للعب بها، ولن يبقى رضيعًا للأبد بل يكبر وتكبر معه احتياجاته وطلباته.
تناقشنا في هذا الأمر من قبل في أحد مساهماتي، ويمكنك الرجوع لها من هنا إذا أردت ذلك:
صحيح أن تنظيم الإنجاب أمر مهم، لكن المشكلة برأيي أن لا أحد يتوقف لحظة ليفكر، من يقرر الإنجاب ينجب فورًا، وكأن الأمر لا يتطلب أي حساب أو استعداد، فقط قرار عاطفي سريع وتنفيذ فوري، ثم نرى الواقع يتكفل بالباقي، لا أحد يسأل نفسه: هل أنا قادر فعلاً على تربية طفل؟ هل أستطيع أن اوفر له حياة كريمة؟ أسرة فيها عشرة أبناء في بيت بالكاد يتسع لأربعة، وكل طفل ينشأ وهو يبحث عن مكانه بين الزحام حرفيا جميل أن نتفاءل، لكن الأجمل أن نفكر قبل أن ندخل روحًا جديدة في هذا العالم المزدحم
.
بالفعل أغلب من يتزوج تجديه يفكر فى الإنجاب بشكل تلقائى مباشرة دون عمل أى حساب، لذلك كنت أقول قبل الزواج نفسه لابد من التفكير فى نمط الحياة ومسارها بعد الزواج وأخذ كل الأسباب اللازمة لتكوين أسرة لها حياة كريمة، لو كل شخص فعل ذلك لما وجدنا كل هذه السلبيات فى المجتمع.
وهذا للأسف سبب رئيسي في كثرة حالات الطلاق التي يكون ضحيتها أطفال صغار، لا ذنب لهم سوى أن والديهم لم يخططا جيدًا لمسؤوليات الزواج والإنجاب، رأيت ذلك بعيني مع صديقة تزوجت بسرعة وأنجبت طفلًا قبل أن تكون مستعدة نفسيًا أو ماديًا، وما لبث أن انهار زواجها، فصار الطفل يتنقل بينهما كأنه حمل ثقيل، لو كان هناك وعي وتخطيط مسبق، لما عانى هؤلاء الأطفال من تبعات قرارات غير مدروسة.
هذا السؤال مؤلم لأنه يمس الحلم الإنساني الفطري بالأبوة والأمومة. من حق الإنسان أن يحلم، ومن حقه أن يُحب ويُكوّن أسرة، لكن في المقابل، من حق الطفل أيضًا أن يُولد في بيئة تحفظ له الكرامة، تؤمّن له الغذاء، التعليم، والرعاية.
من جهة، نلوم الفقير لأنه يُنجب دون حساب، لكنه في أحيان كثيرة لا يرى في الحياة أي إنجاز أو رجاء سوى ذرية تُبقي أثره، قد يكون هذا بديلًا عن طموحات حُرم منها، أو محاولة للهروب من شعور بالفراغ. لكن المشكلة أن الطفل هنا يُصبح تعويضًا عاطفيًا لا مشروعًا حقيقيًا. وإذا لم يكن الأهل مستعدين لتربيته يتخلون عنه تدريجيا الى أن يتركوه لمصيره في النهاية
بصراحة أنا من الذين يوجهون اللوم للفقير الذي ينجب دون تخطيط أو استعداد حقيقي، وليس في ذلك قسوة بل شيء من المنطق والواقعية، أفهم أن البعض يرى في الطفل عزاءً أو وسيلة لترك أثر في هذا العالم، وربما بديلاً عن طموحات سلبت منه، لكن هل من العدل أن نحمل هذا الكائن الصغير نتائج مشاعرنا المهزوزة؟ الإنجاب ليس حلاً للوحدة ولا علاجًا للفراغ، والطفل ليس وسادة عاطفية نلجأ إليها ثم نتركها حين تبهت الفكرة، المشكلة أن كثيرين يقومون بالإنجاب ثم ينسحبون تدريجيًا من مشهد التربية، إلى أن يترك الطفل يواجه مصيره وحده، وكأن وجوده كان مجرد لحظة عاطفة عابرة لا مشروعًا حقيقيًا له ما يبرره ويُبنى عليه
.
هذا أحدُ الأسئلة التي تؤرقني دائما.
دائما كنت أمتنع عن إبداء رأيي فيه، لأني لست على يقين ماهو الصواب والخطأ.
فكيف نحدد ما هو راتب الأب أو المال الذي يكتسبه والذي يحق له عند الوصول له الإنجاب؟
هل هو فقط قدرة على الطعام والشراب، أو التعليم أيضاً وما هو مقدار التعليم، هل الأساسي فقط أو حتى الجامعي؟
وكيف يضمن شخص أنه بعد الإنجاب سيظل معه نفس المال فمن الممكن أن يحدث أي شئ يتسبب في فقره؟
كما أني أشعر أن أكبر مشكلات الفقراء لا تكون في المال فقط بقدر ماتكون في عدم الإهتمام بالأطفال نفسيًا وعاطفيًا وتربويًا بعد الإنجاب.
أهلاً بسمة، أحييكِ على طرحك لهذا الموضوع الحساس، في بداية زواجي لم يكن لدي أنا وزوجي يقين أو رأي ثابت، العقل يقول من الأفضل ألا ننجب، لماذا أحضر طفل في وسط كل هذا العبث الذي يحدث في الكون، وقلبي متلهف لوجود طفل في حياتي، لا أنسى يوم رأيت فتاة صغيرة تبلغ من عمرها عامين تسير مع والدتها وتجري على جدتها وقد سرقت قلبي حرفيا، المهم الإنجاب غريزة ربما لا يمكن مقاومتها، ولكن في ظل انعدام العدالة الاجتماعية والاقتصادية وظروف الحرب والمآسي الكونية أنصح بترشيد هذه الغريزة، من حق أي إنسان على الأرض أن ينجب، أطفالي هم الدافع لاستمراري في هذه الحياة ، ولكن أيضاً قلبي ينقبض ويمتلئ بالخوف عليهم في ظل الظروف العالمية الحالية، بالنسبة للفقراء من حقهم طبعا أن ينجبوا بشرط ضمان ظروف جيدة للطفل، بشرط ألا يكون الهدف من إنجاب طفل هو أن يعمل ويجيب رزقه وهو في مقتبل الطفولة، بشرط أن يكون هناك مسكن مناسب وجيد التهوية مش أوضة في بئر سلم، من حق الإنسان أن ينجب طالما سيحاول أن يطور من ذاته ويسعى من أجل أطفاله ، ويضمن ظروف نفسية جيدة لهم
لكن أيضا لو قولنا أن الإنجاب لابد أن يكون محدد لأضاعنا على أنفسنا فرصة ميلاد الكثيرين ممن قد يغيروا العالم، منذ فترة قرأت منشور عن بيتهوفن وأن والدته فقيرة وتعاني ولديها الكثير من الأطفال ونصحها الأطباء أن تجهض نفسها لأن الطفل لديه تشوهات لكنها لم تستمع لهم وإذا بطفلها المشوه يصبح أحد عباقرة الموسيقى.
سؤال مؤلم وواقعي في آن واحد وطرحه بهذا الوضوح يدل على عمق الإحساس بالمسؤولية والقلق الإنساني على الأجيال القادمة
في الأصل إنجاب الأطفال حق إنساني مشروع وهو من أبسط أشكال التعبير عن الأمل والاستمرار في الحياة لكن هذا الحق لا يمكن فصله عن المسؤولية فكل طفل يولد يحمل معه احتياجًا للرعاية والأمان والغذاء والتعليم والكرامة وهنا يصبح السؤال هل ممارسة هذا الحق يجب أن تكون مطلقة أم مشروطة بالقدرة على رعاية النتيجة
البعض ينجب بدافع الأمل أو بدافع تقاليد مجتمعية أو حتى دون تخطيط كاف وقد تلقي الحياة بأشخاص في ظروف اقتصادية خانقة لا تمنحهم فرصة التمهل أو التفكير طويلًا لكن النتيجة في بعض الحالات تكون قاسية أطفال يعانون من الفقر يحرمون من طفولتهم ويكبرون قبل أوانهم
لذلك لا يمكننا أن نحاكم الفقراء فقط لأنهم أنجبوا ولكن يمكننا أن ندعو إلى وعي أكبر فالفقر ليس عيبًا لكن تجاهل تبعاته على الأطفال المستقبليين هو مسؤولية لا يجب الاستهانة بها التوعية وتمكين الناس من اتخاذ قرارات مبنية على المعرفة وتوفير دعم حقيقي من الدولة والمجتمع هي خطوات أكثر إنصافًا من مجرد اللوم
في النهاية لا أحد يختار الفقر لكن يمكننا جميعًا أن نختار التفكير والتخطيط وتحمل المسؤولية قبل أن نمنح الحياة لطفل لا ذنب له لأن الحب وحده لا يكفي الطفل يحتاج أيضًا إلى كرامة واحتواء وأمان
بالتأكيد لا أحب أن يتواجد شخص فقير في مجتمعنا، لكن الطفل الذي يولد في أسرة فقيرة، فهو يتمنى أن لا يولد من الأساس، فلماذا نجبره أن يعيش في هذه الظروف. الطفل ليس ذنبه أن يولد ولا يوجد من يطعمه، أو من يلبسه ملابس نظيفة.
لذا من حق الشخص أن ينجب أطفال، لكن عليه أن يوفر له فرص المعيشة الأساسية من البداية.
الإنجاب غريزة فطرية ولكن في ظل الأزمات الاقتصادية المتصاعدة أصبح من الضروري أن يكون قرار الإنجاب نابعًا من وعي حقيقي بالمسؤولية الأسرية وليس فقط من رغبة عاطفية مؤقتة فالطفل لا يحتاج إلى الحب فقط بل إلى رعاية وتعليم وصحة وأمان نفسي واجتماعي وبعض الأسر الفقيرة تنجب أطفالًا بلا أي استعداد لتأمين أبسط مقومات الحياة لهم مما يكرس دوائر الفقر ويجعل من الطفولة رحلة معاناة مستمرة الفقر ليس عيبًا ولكن تجاهل تأثيره على الأبناء قد يكون نوعًا من الظلم دون قصد والإنجاب الواعي أصبح اليوم ضرورة وليس رفاهية
التعليقات