لماذا تحولت حياتنا إلى متاهة صلبة؟ما بين الأنانية والتعقيد الاجتماعي

أرى أن المسؤولية لا تقع فقط على الأنظمة، بل أيضا على الأفراد أنفسهم حتى لو توفرت بيئة تدعم التعاون، فإن تغيير العقلية الفردية يتطلب وعياً ذاتياً وإرادة حقيقية للخروج من دوائر الأنانية. ربما الحل يبدأ من أبسط الأمور، كإعادة بناء علاقاتنا داخل العائلة أو بيئة العمل، وتعزيز قيم التكافل على مستوى أصغر، لنتمكن بعد ذلك من إحداث تغيير أوسع في المجتمع

احييك على هذا الطرح حيث يمس واقعنا الحالى، أصحبت الحياة أكثر تعقيداً ليس فقد بسبب الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية، ولكن بسبب تغيرات فى تفكيرنا وتعاملنا مع بعضنا البعض، السعى الدائم وراء المصلحة الشخصية جعلتنا نعيش فى متاهة من التعقيدات، حيث غاب التراحم وصارت المعاملات أكثر جموداً

ممكن أن يبدأ كل فرد بمراجعة اسلوبه فى التعامل مع الآخرن، واعادة احياء قيم التعاون والتكافل ، التواصل بصدق وشفافية، التقليل من المظاهر والتوقعات فالكثير من التعقيد فى حياتنا سببه محاولتنا مجاراة معايير اجتماعية مرهقة

برأيي الأسباب مثل الدائرة المغلقة، يعني ليست لطرف لواحد فقط، بل هناك أسباب دفعت المجتمعات وهناك أسباب دفعت الأفراد، فأصبحنا كأفراد تدفعنا الحاجة والعقلية الاستهلاكية والمادية إلى ذلك، وبجانب الضغوطات الاقتصادية التي تدفعنا دفع للتنافس أكثر من التعاون، فحتى أصبحنا نرى الأنانية بارزة حتى بين الأخوات، ووصولا حتى للانظمة البيروقراطية التي تتواجد بتعاملاتنا اليومية مما زادت من تعقيدات يومنا بشكل ملحوظ، كل هذه الأسباب تدفع بحياتنا بشكل كبير للتعقيد والأنانية.

لذا بالنسبة للحلول لو نظرنا على مفهوم الراحة المجتمعية المنتشر بالدول الاسكندنافية وهو نظام يشجع على العلاقات القوية بين الأفراد وهذا كان سبب في ارتفاع السعادة بينهم، وسبب نجاح ذلك هي أن الدولة بالأساس عملت على وضع أنظمة ساهمت في بناء مجتمعات متعاونة ومنظمة وعادلة بنفس الوقت، بناء من الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية حتى بيئات العمل تركز على المرونة والتوازن بين الحياة العملية، كل هذا يقلل الضغوطات على الأفراد، وبالتالي سيؤثر ذلك على سلوكيات الأفراد

الفرق الجوهري بين المجتمعات الناجحة والمجتمعات المتعثرة ليس فقط في الموارد أو الفرص، بل في مدى استعداد الناس لتسهيل الأمور على بعضهم البعض.

هذا ليس بالضرورة هو العامل الرئيسي. في الواقع، قد تكون الصعوبات والتحديات التي تواجه المجتمعات مرتبطة أكثر بالأنظمة الاقتصادية، أو بالبنية التحتية، أو حتى بالعوامل الخارجية مثل السياسات الحكومية أو الأزمات الاقتصادية. التعاون بين الأفراد مهم، ولكن إذا كانت الأسس التي تقوم عليها تلك المجتمعات ضعيفة، فإن هذه المحاولات للتسهيل قد لا تكون كافية لتجاوز العقبات التي تواجه الأفراد.

أيضا هل يمكنك إعطائي مثال على مجتمع ليس فيه هذه الصفات التي ذكرتها؟ فعلا لا يمكننا التعميم.

الثقافة المجتمعية تساهم بشكل كبير في ذلك، فحين يتم تصدير عقلية إما غالب أو مغلوب، إما خاسر أو رابح، يزداد التنافس وتزداد الانتهازية، فلا أحد يحب أن يكون الخاسر، ويبحث الجميع عن الأفضلية الفردية...على عكس لو تم ترسيخ فكرة التعاون والترابط وترويج أفكار تبادل المنفعة والاستفادة، يتغير الوضع حينها بالتأكيد.

قد يكون السبب هو تسارع نمط الحياة الذي جعل العلاقات أكثر سطحية، مع تركيز الأفراد على أهدافهم الشخصية بدلاً من الروابط الاجتماعية. الحل ربما يبدأ من أبسط الأشياء، كإعادة بناء الثقة والتواصل الحقيقي، بدلاً من أن تكون العلاقات مجرد وسيلة لتحقيق منفعة.