هل تسمح للآخرين بتحديد قيمتك؟ أم أنك من يمسك بزمام احترامك لذاتك؟

قيمتنا لا تحدد برأي الاخرين، من يحدد قيمتنا نحن أنفسنا، بالتأكيد اراء الآخرين تجاهنا مهمة، وقد تعكس شخصيتنا ( في حال كانت اراء موضوعية أو بناءة) ولكن ليس لدرجة اعتبارها حقيقة مسلمة لا يمكن تفنيدها.

في الواقع نحن بأمس الحاجة إلى الجلوس مع أنفسنا، أن نحب أنفسنا ونثق بها، و ما يقوله الآخرون لن يعنينا كثيرًا أو أنه سينتقص من شخصيتنا كونه قد لا يكون حقيقة أصلًا.

بالنسبة لبيئة العمل، أحيانًا الموظف قد يظن بأن مديره يقلل من شأنه قيمته كونه لا يمدحه كثير أو أنه ينتقده بشكل متكرر، وهنا يتوجب على الموظف ان يسأل نفسه، ، هل بالفعل أنا لا أتقبل انتقاد المدير لي وأظن أنني على صواب على الرغم من أن المدير قد يكون على حق ؟أم أن المدير دائمًا ما ينتقدني سواء بشكل ايجابي وسلبي، فضلًا عن أنه ينتقد لمجرد انتقاد، لا يعجبه لا صغيرة أو كبيرة في انجازاتي؟ إن كان هذا صحيح، فهنا سأقف مع نفسي بقوة وسأحدد له قيمتي وأن الانتقاد السلبي لا يعنيني كثيرًا ولن يقلل من ثقتي في نفسي. عليه أن يكف عن الانتقاد لمجرد الانتقاد، سأخبره بذلك بالتأكيد. فانا واثق في قدراتي و انجازاتي، وإن كانت ثمة مواطن ضعف تحتاج إلى تعديل سأخبره بذلك، وسأعالجها فورًا.

بدلًا من البحث عن طريقة لإثبات قيمتك، اسأل نفسك: لماذا أشعر أنني بحاجة لإثباتها أصلًا؟ الاحترام لا يُنتزع بالصوت العالي، بل بالحضور القوي. والثقة لا تُفرض بالقوة، بل بالثبات على ما تؤمن به.

بدلاً من محاولة إقناع الآخرين بقيمتك، عشها. تحدث بثقة، تصرف بإيمان بقدراتك، ولا تنتظر تصفيقًا. حينها، سيعرف الجميع أنك لست بحاجة لإذن كي تكون، ولن يجرؤ أحد على التقليل منك.

سأبدأ بتحديد موقفي بوضوح: هل أنا بحاجة فعلا لإثبات قيمتي أم أنني أمنح الآخرين سلطة لا يستحقونها؟ الاحترام لا يطلب، بل يعكس في الطريقة التي أرى بها نفسي وأقدمها للعالم. والثقة ليست في كثرة الدفاع عن الذات، بل في الثبات على قناعاتي وعدم السماح لأحد بالتشكيك فيها.

بدلا من محاولة إقناع الآخرين بقيمتي، سأجسدها في أفعالي. سأتحدث بثقة، أتصرف بحزم، وأتخذ قراراتي بناءً على قيمي، لا بناءً على توقعات الآخرين. حينها، سيتضح للجميع أنني لست بحاجة لإثبات شيء، لأن وجودي بحد ذاته كافٍ لجعلهم يدركون قيمتي

قبل كل شيء يجب أن يتأكد الإنسان أنه يقف على موقف الحق والعدل والمنطق، فلا يمكن مهما فعل الإنسان أن يثبت على موقفه وهو يعلم من داخله أنه ليس على حق، ولو فعل وأصر على الخطأ فلن ينال الاحترام من داخله قبل أن يناله من غيره.

هناك كذلك نقطة مهمة: وهي أن الإنسان الأكثر حيازة للفضائل داخله يكون موقفه دائماً أقوى: وهذه الفضائل تتضمن التواضع، والثبات على الحق، والذكاء، والفهم الجيّد لأبعاد المسائل، كما أن التحلي بفهم الحس العام (Common Sense) يصل بالفرد لاتخاذ قرارات صحيحة، وإبداء وجهة نظره بسلاسة ووضوح.

لو أنت مقتنع أنني لست اسلام وأنني شخص آخر بينما الآخرين مقتنعين أنني اسلام هل يجب أن أترك مهامي وحياتي واقف لكي أقنعك... لو فعلت ذلك فأنا أحمق كبير، يكفي أنني مقتنع بنفسي ومدرك صوابي وواعي لفعلي حتى لو كان الكون بأثره لا يرى ذلك.

أما من يسعى لاعترافات الآخرين ورضاهم ونظرتهم وتقديرهم فهو لن يتقدم خطوة إلا وهو مرهق وقلق ومنزعج والأصح أن نركز على أنفسنا فقط وندرك ما نحن هنا لأجله ولا نعطي قيمة لأي شئ آخر

في رأيي، احترام الذات يبدأ من الداخل، وليس من نظرة الآخرين لنا. كثيراً ما نقع في فخ تقليل إنجازاتنا تحت مسمى التواضع، أو نبالغ في الاعتذار حتى يصبح وكأنه تبرير لوجودنا. لكن الحقيقة هي أن احترامنا لأنفسنا يحدد كيف يعاملنا الآخرون. لكي نمسك بزمام احترامنا لذواتنا، علينا أولاً أن نضع حدوداً واضحة لما نقبله وما نرفضه، ونُدرك أن قيمتنا لا تُقاس برضا الآخرين، بل بمدى اتساقنا مع أنفسنا. كما أن الاعتراف بإنجازاتنا ليس غروراً، بل تقديراً للعمل الذي بذلناه، والتقدير الذاتي هو ما يجعل الآخرين يروننا كشخصية لا تُنسى. بالنسبة لي، الخطوة التي يمكن أن أتخذها اليوم هي أن أتوقف عن التبرير الزائد، وأبدأ في التعبير عن رأيي بثقة، دون انتظار تأكيد من أحد