التمسك بأفكار خاطئة، أو لم تعد مناسبة لتطورات هذا العصر أو ما يحتاجه لا شك أنها تؤخر من حياتنا جميعًا، لأننا نجد أنفسنا أسرى لأنماط حياة لا نستطيع الخروج عنها، فلو كان بيدنا التغيير أو التعديل أو الاستبدال، ما العادات التي ترغبون في إعادة النظر بشأنها؟
ما العادات المجتمعية الشائعة التي ترى أنها بحاجة للتغيير أو الاستبدال؟
فكرة الحكم على الأشخاص بناءً على مظهرهم أو اختياراتهم الشخصية.
ولكن يا سمر ألا تعتقدين أن خيار المظهر أو الخيارات الشخصية بشكل عام هي تعطي انطباع عن الشخص وطبيعته؟ وقد تكون صحيحة بالفعل؟ مثلا ألا يعطي لك الشخص الذي يرتدي ألوانا قاتمة دائما أنه شخص تقليدي ومتحفظ وملتزم والعكس مع الشخص الذي يرتدي ألوان وتصاميم مختلفة وزاهية دوما أنه شخص منفتح وحيوي وطاقته عالية؟ أنا صراحة أحلل الكثير من الشخصيات بناء على خياراتهم ليس للحكم عليهم أو انتقادهم بل لأفهمهم وأعرف كيف أتعامل معهم.
أفهم ما تعنيين، ولكن المظهر يمكن أن يكون مجرد قشرة خارجية لا تعكس دائمًا الجوهر الحقيقي للشخص. قد يكون الشخص الذي يرتدي ألوانًا قاتمة أكثر تحفظًا، ولكن هذا ليس بالضرورة يعني أنه تقليدي أو ملتزم بشكل كامل. نفس الشيء ينطبق على الشخص الذي يرتدي ألوانًا زاهية؛ يمكن أن يكون منفتحًا أو فقط يحب التعبير عن نفسه بشكل مختلف. أعتقد أن من المهم ألا نقتصر على تحليل الأشخاص بناءً على مظهرهم فقط، بل أن نحاول فهمهم بشكل أعمق بعيدًا عن الانطباعات السطحية.
ولكن على أرض الواقع يكون من الصعب تغيير الانطباع الأول الذي يعطى عنك، لا أعرف أو أفهم الأسباب تحديدًا ولكن من خلال تجاربي فإن الانطباع الأول الذي نعطيه عن أنفسنا أو نتلقاه من غيرنا يكون من الصعب تغييره أو تقبله من الآخرين بل وأحيانا عندما يضع الآخرين صورة معينة لنا نصبح في وضع حرج إذا حاولنا أن نكون على طبيعتنا على الحقيقية، بالعودة مثلا للمثال الذي طرحناه، فهذا الشخص الذي انطباعا أنه شخص متحفظ واتضح فيما بعد أنه ليس متحفظ بالكامل سيواجه صعوبة أو حرج عندما يحاول أن يكون منفتح أو مرح أو حيوي لأنه الناس لا تعتاده ولا تتخيله بهذا الشكل.
"أعتقد أنك محقة، فالانطباع الأول غالبًا ما يكون صعب تغييره، وقد نشعر في بعض الأحيان بأننا محاصرون في الصورة التي رسمها الآخرون لنا. لكن في نفس الوقت، ربما التغيير يأتي تدريجيًا ويحتاج منا إلى الصبر. من الممكن أن يكون الشخص الذي يظن الآخرون أنه متحفظ لديه الكثير من الأبعاد الأخرى التي يمكن أن يكتشفها من حوله مع الوقت. هل تعتقدين أن البيئة المحيطة بالشخص لها دور في تسهيل هذا التغيير أو ربما تعقده؟"
بالطبع، فالوسط المحيط إذا أشعر الإنسان أنه غريب إذا حاول التعبير عن نفسه والتصرف على طبيعته سيجعل الأمر صعبا على الإنسان أن يكشف كل جوانب شخصيته وسيكون محصورا على الجانب الذي يتقبله الآخرين، أما إذا كان الوسط مشجع فستجدين الإنسان متجرد من كل مخاوفه وتحفظاته، وهذا السبب في أن بعض الأشخاص يتصرفون بتحفظ وجدية شديدة مع البعض ويكونون العكس تماما مع أناس آخرون، أو في البداية تجدينهم متحفظين معك وإذا شعروا بالراحة أو الأمان تجدين شخصية أخرى تماما، لهذا يجب علينا ألا نكون سببا في أن نجعل شخصا ما يشعر أنه غريب.
كيف يمكننا كأفراد أن نساعد في خلق بيئة مشجعة تتيح للآخرين التعبير عن أنفسهم بحرية وتجنب جعلهم يشعرون بالغربة؟
لا ننتقدهم، لا نعطيهم نظرات استياء أو تعجب على كل ما يفعلونه، لا نحاول إعطائهم دروس تهذيب كما نفعل للأطفال، لا نتجنبهم، نلقي لهم الاهتمام الكافي والحقيقي عندما يتكلمون ويعبرون عن أنفسهم، لا نشعرهم أنه منبوذين أو غير مرغوب بوجودهم كأن نكون مجموعة من أربعة وثلاثة يتحدثون ويتفاعلون مع بعضهم البعض والرابع كأنه ليس معهم.
أعتقد أن كلامك صحيح، ولكن هناك شيء آخر يجب أن ننتبه له. الاستماع والاهتمام مهم، لكن أيضًا يجب أن نخلق بيئة يشعر فيها الشخص بالراحة للتعبير عن نفسه. ليس فقط بأننا لا ننتقد، ولكن أن نكون مستعدين للاستماع بصدق واهتمام. عندما يتحدث شخص ما، يجب أن نكون متفاعلين معه ونعطيه الفرصة ليشارك دون الشعور بالخوف من الحكم عليه
التعليقات