في ظل استقرار الأوضاع في البلدان التي شهدت نزاعات أدت إلى لجوء عدد كبير من سكانها أثبح هناك تساؤل هام حول كيفية التعامل مع مسألة اللاجئين. برأيكم، هل يجب أن تكون عودة اللاجئين إلى بلدانهم بعد تحقيق الاستقرار فيها طوعية بالكامل، بحيث تُترك لهم حرية الاختيار، أم يجب أن تُفرض عليهم العودة بشكل إلزامي؟ ولماذا؟
عودة اللاجئين بعد استقرار بلدانهم يجب أن تكون طوعية أم إجبارية؟ ولماذا؟
من الناحية الحقوقية, لا يمكن بأي حال من الأحوال قبول إعادة اللاجئين قسرا إلى بلدانهم الأصلية, خاصة بعد مرور سنوات طويلة في البلد المضيف, حيث يكون اللاجئ قد استقر مهنيا وأسريا. كيف يمكن تصور ترحيل شخص بشكل مفاجئ قضى سنوات يبني حياة جديدة في بلد ما؟ وماذا عن أسرهم؟ هل سيرحل الأطفال الذين ولدوا في البلد المضيف مع ذويهم؟ يمكن قبول الترحيل القسري في حال كان اللجوء ناتجا عن ظروف طارئة وسريعة الزوال استمرت بضعة أشهر لا أكثر!
من جهة أخرى عندما تستقر الأوضاع في البلدان التي تعاني من اضطرابات من شتى النواحي, فإن الأغلبية الساحقة من اللاجئين سيختارون العودة طواعية إلى أوطانهم. لأن الشعور بالانتماء الحقيقي يرتبط ببلدانهم الأصلية, ومعظم اللاجئين (حتى في أفضل الحالات) يشعرون بأنهم مجرد ضيوف في البلدان المضيفة. وعدد كبير يواجه مشاكل عنصرية واقتصادية ونحوه....وبالتالي, فعودتهم إلى وطنهم هو خيار طبيعي عند زوال الأسباب التي دفعتهم للجوء.
ولكن من ذات الناحية الحقوقية يبدو أن الكثير لا يعترفون بها، فنرى العديد من الدول مثلاً قامت بإعادة لاجئين سوريين بشكل قسري إلى أوطانهم متجاهلين حقهم، الشق الحقوقي، وقافزين إلى حقهم القانوني، أسأل الآن سؤال كيف يمكن أن يتعارض القانون أحياناً مع الحقوق، يعني أساس وضع أي قانون ضمان حق الجميع وايجاد صياغة عادلة بوضعه، فهل هذا التعارض أحياناً مبرر خاصة في هذا الشق؟
بالعادة تكون عبارات حق اللجوء في الدساتير والقوانين فضفاضة حمالة أوجه, أو ترافقها عبارات أخرى تقيدها كأن تقول أن حق اللجوء ينتفي إذا كان الأمر يشكل خطرا على الدولة, أو حق اللجوء فقط لمن ينتمي لدول غير آمنة, وبالتالي الحكومة هي ذات نفسها تقرر من الدولة الآمنة ومن غير الآمنة ومن يشكل خطرا ومن لا يشكل خطرا, وهكذا ممكن جدا يعتبر أي دولة متزعزعة أنها آمنة ويمنع اللاجئين القادمين منها, أو أن هؤلاء اللاجئين يشكلون خطرا على الدولة مثلا, وكثيرا ما يحدث تصادم مع الهيئات الحقوقية أو الأحزاب المعارضة أو حتى مع بقية الدول في هذا الشأن.
بالتأكيد نتحدث عن الدول التي بها الحد الأدنى من الديمقراطية واحترام القانون وليس عن دول قانون الغاب, التي لا تحترم حقوق مواطنيها كي ننتظر منهم احترام حق غير المواطنين
أوافق تماماً مع رأي @jawad_x . الوضع هنا أصبح صعب التقييم بالطرق العادية. كيف يمكن لشخص اعتاد على مستوى معيشي أو وظيفة معينة أو حتى مستوى تعليمي محدد أن يُهجّر قسراً إلى موطنه الأصلي؟ من ناحية أخرى، قد يمثل هذا عبئاً حقيقياً على الدول المضيفة من حيث الاقتصاد أو من جوانب أخرى.
وهل هناك برأيك مثلاً حلول وسيطة في هذا الشق؟ يعني إذا فكرنا خارج الصندوق، مثلاً أن لا يبقوا داخل الوطن الضعيف ولا يعودوا إلى أوطانهم الأصلية، هل يمكننا أن نجد بدائل أخرى أم أن الأمر صار محصور حصراً بين خيارين؟
أعتقد أن الأمر لا يصح أن يكون بشكل إلزامي، لأن كل شخص وكل أسرة له ظروفه الخاصة التي لن يأخذها قرار إجبار الجميع للرجوع إلى وطنهم في الحسبان. من الممكن مثلا أن تبدأ الدولة في عرض مميزات للمواطنين تدفعهم للعودة إلى وطنهم. ورغم اعتقادي أنه لا أستطيع أن أحكم على اللاجئين دون أن أعيش معاناتهم وحياتهم إلا أنني أرى أنه من الضروري أن يدرك اللاجئين أنفسهم أنه لن يقوم أحد بإعمار بلادهم بالنيابة عنهم، بل هم بحاجة إلى العودة لكي يتمكنوا من النهوض بوطنهم
أن يدرك اللاجئين أنفسهم أنه لن يقوم أحد بإعمار بلادهم بالنيابة عنهم
هذه الفكرة اسمعها كثيراً والصراحة لا أعرف من نخاطب بها، يعني مثلاً هل أخاطب المصريين والمغربيين والمكسيكيين وأقول لهم عودوا لبلادكم لتقوية اقتصادكم الوطني؟ سيكون السؤال الأول منهم لنا: ونحن ماذا سنأخذ؟ هل تريد أن تطعمنا بقيمك وخطتك؟
برأيي أنجح الخطط هي التي تتعامل مع اللاجئين كأفراد لهم خصوصياتهم تماماً كما تفعل الأمم المتحدة ولكن السؤال الآن عن كيفية ذلك.
أرى أن عودة اللاجئين بعد استقرار بلدانهم يجب أن تكون إجبارية لأنه من حق الدولة أن تستعيد سيادتها على أراضيها، ولأن بعض اللاجئين قد لا يكونون على دراية تامة بتحسن الوضع في بلادهم وقد يترددون في العودة طواعية، بالإضافة إلى ذلك قد يكون هناك ضغوط من بعض الأطراف الخارجية أو مشاكل اجتماعية تؤثر على قرارات اللاجئين، ومن خلال جعل العودة إجبارية، تضمن الدول المعنية إتمام عملية العودة بشكل منتظم وآمن، مع الحفاظ على استقرار المنطقة بشكل عام.
أعجبني تعليق @jawad_x الذي أشار إلى الانتماء الحقيقي. اللاجئون يعيشون بين واقعين. أحدهما يربطهم بجذورهم والآخر يفرض عليهم واقعاً جديداً. يجب أن تكون العودة طوعية، ولكن بدعم شامل يزيل المخاوف ويريهم أسباباً حقيقية للعودة إلى الوطن. حينها أعتقد أن أغلبهم ان اقتنع سيفضل العودة لأصله وأرض أجداده.
أظنه هنا لا يعرف موطنه حتى يرضى بالعودة له طواعية أو جبر، وأشعر أنه لو تم إجبار أحد فلن يعود لبلده بل سيخرج من بلد أجبرته لبلد أخرى.
لا أزايد على أحد ولله ولكن في أكثر من مناقشة مع البعض أراهم يتحدثون عن وطنهم وكأنه منفى أو سجن، يا رجل أنت مولود هنا وكبرت هنا بأي مبرر تكرهه ؟ البعض الآخر يرغب في العودة ولكن يراها صعبة لذلك يفضل البقاء بالغربة حتى لو كان الوطن بخير.
وفي الحالتين أرى العودة صعبة وأعيب على أي بلد يقرر إجبارهم على الرحيل إن كنت ترفضهم فلما تفتح لهم ذراعيك من البداية، الأجبار هنا كأنك تدفعهم لنقطة الصفر من جديد وأظن بهذا ظلم لهم.
آخر جملة مؤثرة فعلاً، على كل بلد أصلاً أن تقرر التساهل مع حدودها أو تقبل بدخول اللاجئين أن تتحمل تحويلهم بالمقابل إلى دمجهم مع الحياة الخاصة المحلية كما تفعل حالياً ألمانيا. يوطنون اللاجئين ويستفيدوا منهم بعد أن قبلوهم ومن لا يريدهم يمكنه منعهم بكل بساطة من البداية، هل انت مع تحميل الدول المستضيفة أعباء أخطائهم في هذا الصدد؟ ولماذا؟
التعليقات