بسم الله الرحمن الرحيم.

نبدأ في يومنا الثاني، والأول في علم الصرف، وما زالت حماستي لم تتراخى -كالمعتاد- بل زادت حمدًا لله :)

الصرف، والتصريف

الصَّرْفُ: مصدر من الفعل الثلاثي صَرَفَ.

التَّصْرِيفُ: مصدر من الفعل الثلاثي صَرَّفَ.

ما الفرق بينهما -الصرف والتصريف؟

كل كتاب قرأته كان الفرق بينهما مختلفًا، وأحيانًا لا فرق؛ فلم يتفق النحاة عبر العصور على تحديد معنى موّحد؛ وأفضل ما قرأتُ أن الصرف والتصريف يدلان على معان منها التقليب، التغيير، والتحويل، والتصريف يفيد معنى التغيير أكثر من إفادة الصرف؛ كما قالواْ بإن التصريف يوحي بمعنى العمل والتدريب، إذن سنستخدم هذا التعريف للتصريف:

التغيير الذي يتناول بنية الكلمة وبنيتها لبيان ما في حروفها من أصالة، زيادة، حذف، صحة، إعلال، أو إبدال.

وقرأتُ أيضًا أن الصرف هو المصطلح العلمي والتصريف هو العملي.

التصريف، والتصريف ..، إذن ما فائدتهما؟ وما الفرق بينهما وبين النحو؟

كما ذكرنا أعلاه "يختص التصريف بدراسة التغيير بصفة الكلمة وبنيتها؛ لبيان ما في حروفها من أصالة، زيادة، حذف، صحة ..”.

إذن التصريف لا يدرس ما يحول الكلمة إلى أبنية مختلفة كالتثنية والجمع، أو أخرها لأغراض إعرابية؛ فهذا من اختصاص النحاة.

مثلًا من استخدامات الصرف تحديد أصل كلمة مثل ميعاد؛ بالبحث في المعجم -المعجم الوجيز- كما سندرس في مرات لاحقة: الميعاد من الموعد؛ نرد الياء إلى أصلها "موعاد"، ثم تجريد الزوائد الميم والألف فتصير "وعد" البحث عنها في باب الواو مع مراعاة العين والدال. هذا جزء بسيط لما يختص به التصريف.

حاولت التمثيل بين النحو والصرف فوصلت إلى أن النحو كالرياضة لمن يدرس الفيزياء؛ فسندرس الآن أن التصريف يختص بالأسماء العربية المعربة و الأفعال المتصرفة .. معرفة الأسماء المعربة لا يكون إلا بالنحو، فهما علمان متقاربان.

فيما يختص التصريف

قال ابن مالك:

حرف وشبهه من الصرف بَرِي ** وما سواهما بتصريف حَرِي

  1. الأسماء العربية المعربة: ما يتغير أخرها لأسباب إعرابية ببساطة؛ في درسٍ نحويٍ آخر سندرس تحديد المعرب والمبني -بإذن الله، أمثلة على المعرب: محمد، زيد وعالم.

  2. الأفعال المتصرفة: ما لا يلازم صورة زمن واحد كليس تلازم الماضي -على عكس من قال بتصرفها لنهتم بدراسة رأي واحد الآن فلن ننهي ما اختلفَ به العرب؛ نادرًا ما يتفقوا :). المتصرفة مثل: عَرِفَ، فَهٍمَ، كَتَبَ وقَالَ.

فيما لا يختص بها التصريف

إذن من السابق لا يختص التصريف بكل من:

  1. الحروف(حروف المعاني) مثل: من، أو، وفي.

  2. الأسماء الأعجمية مثل: جبريل، إسماعيل، وإسحاق.

  3. الأسماء المبنية: تبنى الأسماء لتشبهها بالحرف -كما سندرس في درس نحوي لأحق بإذن الله، مثال عليها: مَنْ، الذي، وهذا.

  4. الأفعال الجامدة مثل: ليس، بئس ونعم.

أوزان الاسم الثلاثي المجرد

قال ابن مالك:

وليس أدنى من ثلاثي ٍ يُرى ** قابلَ تصريف ٍ سوى ما غيرا

ومنتهى اسم ٍ خمسّ أن تجرَّدا ** وإن يُزد فيه فما سبعا عدا

وغير اخر الثلاثي افتح وضُمّ ** واكسِر وزد تسكين ثانيه تعُمّ

وفعلّ أهمُلَ والعكسُ يقلّ ** لقصدهم تخصيص فعل ٍ بفعل

المقصود بالمجرد هو ما كانت حروفه كلها أصلية.

يوجد لدينا 13 صيغة للاسم الثلاثي المجرد منها واحدة قليلة -سنوضح سبب ذلك- وواحدة ممنوعة؛ حفظهم كلهم ليس جيدًا؛ لدينا كلمة "فعل" كل ما سنفعله هو وضع الحركات؛ بما أنّ الصرف لا يختص بأخر الكلمة(حركة الإعراب)، فلن نحدد اللام(الحرف الأخير)، الحرف الأول الفاء يمكن أن نضع عليه أي حركة عدا السكون لدينا الآن:

فَعل فُعل فِعل

حرف العين الحرف الثاني يمكن وضع عليه أي حركة من الأربع؛ إذن لدينا 3 * 4 وزن.

إذا التقى الضم والكسر، لدينا حالتان الضم في الأول والكسر في الثاني فُعِل وهذه صيغة نادرة لم أجد ما يمثلها غير دُئِل؛ نادرة لأنهم أرادو تخصيص هذا الوزن للمبني للمجهول مثل ضُرِب وقُتِل، الحالة الثانية الكسر في الأول والضم في الثاني فِعُل وهذه صيغة ممنوعة حاول نطقها لو استطعتَ :).

جميع الصيغ مع أمثلتها:

  1. فَعْل: شمس، وصقر.

  2. فَعَل: قمر، وحمل.

  3. فَعُل: رجل، وعَضُد.

  4. فَعِل: كَتِف، وكَبِد.

  5. فُعْل: مُرّ(مُرْر)، وقُرْط.

  6. فُعَل: رُطَب، ولُبَد.

  7. فُعُل: عُنق، وأُذُن.

  8. فُعِل: نادرة مثل دُئِل.

  9. فِعْل: عِلْم، وعِجْل.

  10. فِعَل: عِنَب، وسِوي.

  11. فِعِل: إبل، وإطل(بمعنى خاصرة).

  12. فِعُل: ممنوعة كما ذكرنا سابقًا.

كالأمس لم يكن الدرس بالصعب فقط يحتاج إلى القليل من الحفظ -الفهم أفضل :)، بإذن الله الغد سنبدأ في البلاغة.