نحن نعرف أن القرآن نزل بلهجة قريش التي وصفها بعض المؤرخون بأنها أصفى لهجات العرب وأجملها في ذاك الوقت. لكن ذلك لم يعني أن كل الجزيرة كانت تتحدث بلهجة قريش آنذاك، ولابد أم الكثير منكم يعرف أنه ورد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأحد اللهجات العربية ممايؤكد وجود تنوع في اللهجات ولعل إنتشار اللهجة القرشية على مر الزمن كان بسبب إرتباطها بالقرآن وإنتشار الإسلام.

حاليا ومع التداخل الكبير والإختلاط بالثقافات الذي حدث بشكل كبير في القرون الماضية نجد أن كل منطقة أصبحت لاتتحدث العربية الفصحى، بل شيئاً مابين هذا وذاك وظهرت اللهجات.

 مع ذلك إستمرت الكتابة باللغة العربية الفصحى ربما لأن الكتابة بالفصحة كانت تنم عن الثقافة العالية والإطلاع بالتاريخ والعلم بمفردات اللغة ونلاحظ أن هناك إجماع شبه عام على رفض الكتابة باللهجة المحلية في أي بلد من قبل الكثيرين.

حاليا نحن نتمسك باللغة الفصحى بحكم أنها اللغة الأكثر فهما بيننا ونعيب إستخدام اللهجات المحلية في الكتابة مع أنها قد تسهل نشر المعلومة وإيصالها للعامة بشكل أفضل.

لست من المنادين بتبني العامية على حساب الفصحى لأنني أجد في الفصحى جمالاً لاتتميز به العامية التي ماتكون أقرب للإختصارات في الكثير من الأحيان. ولكن من ناحية أخرى نجد أن بعض المبدعين مثل الشعراء الشعبيين له قدرة على توظيف اللهجة العامية ومفرداتها في وصف الأمور بشكل رائع وجميل يصعب نقله إلى الفصحى. لكن دائماً ماتكون قصائد تقال ولاتكتب.

لماذا نمتعض مثلاً حين يتكب أحدهم بلسان لهجته الحالية؟ ألا يعتبر هذا مواكبة للتطور الذي حصل في المجتمع وتسهيل لإيصال المعلومة مثلا؟ وهل في إمتعاضنا وعضبنا نوع من رفض التجديد والتمسك بالقديم؟ هل يجب أن نفسح المجال للهجات في الكتابة كي لانظلم المبدعين بهذه اللهجات؟