في غرفة شبه مظلمة

جدرانها من اسمنت عنيد

شبكة عنكبوت في الزوايا كنسيج محبوك

رائحة الرطوبة تنتشر في المكان

قرب أحد الجدران مكتب خشبي قديم

فوقه شمعة تتلألؤ من شمعدان نحاسي

أوراق متناثرة بجانبه بفوضى قاتمة

هناك بالمثل كرسي خشبي عجوز

على بعد أمتار يوجد سرير مهترئ

قام منه فتى بوجه كئيب

لحية كثيفة وشعر فوق رأسه خفيف

اتجه نحو المكتب متثائبا

جلس على الكرسي وأخذ ورقة

فتح الدرج ليُخرج قلمه المألوف

لكن تفاجأ بقلم يسقط من الأعلى

في حيرة تساءل "من أين سقط هذا؟"

نظر إلى السقف مندهشا

كان سقفا تملؤه شقوق تحمل ذكرى

لكن لا منفذ هناك يكفي لنفاذ قلم كهذذا

أخذه بيد مرتعدة ومتشككة

لامسه وأحس بقشعريرة سريعة

حمله وشعر بالأفكار في عقله تتكاثف وتتصارع

هم بالكتابة دون بلا شعور غامض

خطَّ حروفا في كلمات صنعت جملة

"سنُطلق سراح وحش مسجون في الأعماق"

رمى القلم مرعوبا

فلم يفكر فيما كتبه أبدا

وقد أحس أن القلم يتحكم فيه

"ماهذا الشيطان؟"

قالها وهو ينظر نظرات خائف بريء

انتشرت في جوفه رغبة إدمان

تدفعه ليُعيد حمل القلم

تمددت يده اليمنى نحوه دون أن يشعر

فمسكها بيده اليسرى مقاوما الحركة

لكنه حمل القلم غصبا عنه في مقاومة شرسة

محاولا منع نفسه من الكتابة

مع ذلك كتب جملة

"أنت ملكي الآن، لا مفر لك. و وعيك سأقتله"

صرخ عاليا حتى ارتجت الجدران "لا اااا"

فغاب عن الوعي وصار يكتب بحبر من جحيم

______________________

ملاحظة: هذه قطعة من كتاب أكتبه بعنوان "سقوط سيريالي"