من أكثر ما يحزنني زوال الفنون الشعبية العريقة، وقد صار هذا للأسف خصلةً من خصال عصرنا. أحد هذه الفنون الأبوذية العراقية، وهي ضرب من الشعر لا أعرف له مثيلاً. يتكون المقطع من أربع أسطر، تنتهي الثلاثة الأولى بألفاظٍ متجانسة.

تعرفت على الأبوذية من خلال ديوان تميم البرغوثي مقام عراق، وفي آخره كتب بضع أبوذياتٍ منها:

تِشابَهْ لِـيـلـِــي من همّي وظُهْرَاي

واخَبِّي الهمّ في قلبي واظِهْرَاي

وَلَك يا ها الجمل ظهرك وظَهْراي

تِشِيل حمولي وحمولك عليّهْ

__________________________

وهذه أبوذية غنتها جليلة أم سامي ولا أدري من كاتبهـ(ـتـ)ـا:

انْحَلِت ما بعد اشيـل القِـدم وخطـاي

شْكِثَـر منك حملت ذنـوب وخطـاي

حبيبــي لو رمـاني بسهـــم واخطـاي

اظـــن مـــن حـرملـه ماخـذ سجـيــه

(وحرملة رامي سهامٍ قتل الرضيع عبد الله بن الحسين في كربلاء.)

__________________________

وهذه للشاعر أبو معيشي:

زَمَانِي جَرَّد سْيُوْفَه وَسَنْهَا

عَلَيَّ وْ حَرِّمَتْ عيْنِي وَسَنْهَا

وَحَگّ ِالْلِيْ فَرَضْ خَمْسَه وَسَـنْها

بَعَد هَيْهَات عَيْش ايْطِيْبِ الِيَّه

__________________________

لا أجد على الشبكة عن هذا الفن سوى القليل المتفرق، وأفضله هذه الدراسة

https://sites.google.com/si...

أتمنى لو أن الأبوذية عرفت تقديراً أوسع ودراسةً أدبيةً أشمل، فهي في نظري فنٌ نادر الجمال.

لكن هل غياب الاهتمام بها لا يعدو شبكة الانترنت، أم أنها تعاني من الإهمال في المجتمع العراقي أيضاً؟