السماء فوق مدينة إسفيرا لا تمطر ماءً.
بل تمطر ضوءًا بارداً… ضوءًا لا يدفئ، لا يعمي، لا يحيي.
ضوءٌ مهمته الوحيدة: أن يراك.
لكن، ماذا لو لم يرك أحد؟
كان "آرِن كاي" يقف على أطلال مصنع مهجور في المنطقة الرمادية.
لا كاميرات. لا مستشعرات. لا عيون من "المرآة العليا".
هنا فقط... يمكن لشيء أن يُقتل دون أن يُسجَّل.
أخرج من جيبه شريحة مهترئة كتب عليها:
[أرشيف اللاهوية – وحدة 7]
ثم تمتم لنفسه:
🗨️ (داخلي)
"قالوا إنك لن تعرف من أنت حتى تُسجَّل...
لكن ماذا لو كنت شيئًا لا يمكن تسجيله أصلاً؟"
زمجرة تقطع السكون.
من بين الركام، يخرج مخلوق طويل، جلده رمادي شاحب، وعين واحدة منطفئة تتوسط جبينه.
ليس وحشًا مسجّلاً. ليس مدرجًا في قاعدة البيانات.
كان ذلك يعني شيئًا واحدًا:
"منبوذ مثلي."
رفع آرِن سيفه، لكن الوحش لم يهاجمه.
بل نطق، بصوت خافت يشبه صوت جرح يتنفس:
🗨️ "أعرفك... أنت الذي لم يُرَ."
توقف آرِن.
لم يكن يتوقع اعترافًا.
حتى من وحش.
🗨️ (الوحش)
"أنا ظل شيء نُسي قبل أن يُولد.
وأنت؟ أنت ظل يبحث عن انعكاسه في مرآة مكسورة."
هاجم آرِن، ضربةً قاطعة إلى العنق.
لكن لا دم. لا صوت. لا اهتزاز.
كأن الفعل نفسه... لم يُحسب.
تراجع الوحش، ابتسم بسخرية.
🗨️ "حتى أفعالك... بلا وزن."
🗨️ (داخلي – آرِن)
"أقوى قوتي... أن لا أحد يراني؟
أم أن أضعف لعنتي... أن لا أحد يكترث حتى لو مُتّ؟
إذا لم أُسجَّل... هل أكون قد وجدت، أم لا؟"
الوحش استدار، واختفى في حائط من الظلال.
وحين بقي آرِن وحده، تهاوت كتفاه.
كان وحده حتى من نفسه.
بعد ساعات، يعود إلى المدينة.
وسط الزحام، يعبر الناس من خلاله تقريبًا.
كأن الهواء أثقل منه.
لكن في إحدى الزوايا، تجلس امرأة ذات عصابة سوداء على عينيها، كأنها لا تنتمي إلى الضوء ولا إلى الظل.
نايومي.
🗨️ "أنت آرِن كاي."
قالتها قبل أن يقترب حتى.
توقف مصدومًا.
🗨️ "أنتِ... ترينني؟"
هزت رأسها نفيًا.
🗨️ "لا أراك بعيني... أراك في المكان الذي لا يرونه فيه."
اقترب منها ببطء، وكأنه يخطو للمرة الأولى نحو مكان يُحتمل أن يُسجَّل فيه.
🗨️ (نايومي)
"ثمة أرشيف لمَن لم يُعترف بهم.
مكان يُكتب فيه ما لم يُكتب بعد...
وهناك تبدأ الحكايات التي تستحق أن تُروى."
نهاية الفصل الأول
التعليقات