جسدها عالق بين جدران صامتة،وعقلها تحنطه شضايا خطاياها في ملاحم لا تنتهي...
أرق يقرع طبول، بنات فكرها الحائرة،وكآبة تطوق نفسها من كل ركن وزاوية...
صراخ يحدثه أنين فؤادها،بنبضاته المضطربة،وكأنه عراجين تتسابق نحو الأرض،في سقوط متسارع،مع كل ايقاع يسلب منها راحة البال..
فتثمر الأرض التي رفعت قدميها،بتراب أسود،يمقت خطواتها،كما تكره مقلتيها التحديق نحوه..
ذاك السواد،هو شرارات العبث،الملقى من هالة تطوقها وتشحنها بطاقة سلبية،وتغذي كآبتها مع كل خطوة لها..
حتى مكتبها الفوضوي،الذي صنع من خشب الزان،يلفظ تقلبات أنين المسودات الورقية فوقه،التي امتلأت بشتات الكلم،بحبر مزج بدماءها...
تكاد الكلمات أن تختطف منها، ما بقي لها من روح...
كيف لا و جوليا ذات التسع و عشرين ربيعا،لازالت عالقة في سجنها الانفرادي،تطوعا...
تتحرك مع كل التكلسات الجسمانية،التي أحدثها الهزال فيها،بسبب عدم اكتراثها لصحتها،نحو سريرها،وكأنها تستنجد منه شبقا و لحظة،تخلصها من الأنين،ووخزات الألم الملتهبة داخل صدرها..
لم تنم منذ ثلاث أيام،فيطربها رأسها،بأصوات خارجية تدعوها،لتسرع للخلاص!
تلك الأصوات،تجلى الوهم فيها باتقان باهر،فترى التيه،ينقش نبراته،فتحاكي صوت والدتها الراحلة،منذ صباها..
فتسمع نبراتها الحنونة تدعوها،لامساك ذاك الخنجر الجميل،وبأن تقطع شريان يدها اليسرى..
لتنعم بحضن دافىء للأبد،حضن والدتها الحنون..
#محمد_الهادي_بن_الصادق