أتذكر قبل عامين تقريبًا أي عند عند صدور المسلسل التركي "طيف إسطنبول" (Bir başkadır) على شبكة نتفليكس  كانت هنالك ضجة كبيرة كونه يناقش أفكار مختلفة وغير مسبوقة.

 مسلسل طيف إسطنبول أحداثه تدور حول الشابة المحجبة مريم التي تعيش مع أخيها وزوجته التي تعاني من الاكتئاب وأولادهما في ظروف حياتية صعبة. تعاني مريم من حالات فقدان وعي لم يجد الأطباء لها أي تفسيرات عضوية، ولذلك تم تحويلها إلى طبيبة نفسية.

ومع أننا غالبا ما نكوّن عن الطبيب النفسي فكرة الشخص المثقف والأكثر فهما للطبيعة البشرية بجميع جوانبها، إلا أن الطبيبة لم تستطع إخفاء الكمية الكبيرة من الكراهية والتعصب تجاه شابة مسكينة، فقط بسبب خلفيتها الإسلامية المتدينة. فأثناء مشاهدة المسلسل، لفتتني هذه النقطة كثيرا، فكيف يمكن لطبيبة نفسية خاضت مشوارا طويلا من اكتشاف النفس البشرية، وتتعامل يوميا مع أناس مضطربين منهم المؤذي والعدواني، بالاحتفاظ بكمية تعصب كهذه بغض النظر عن تربيتها وبيئتها الأصلية؟!

 فعلى الرغم من أنه مجرد مسلسل، إلا أنني راجعت اعتقادي في أن التعصب هو صفة مرتبطة بمن يعيشون في مجتمعات منغلقة ولم يعملوا على توسيع آفاقهم وتعزيز ثقافتهم ومعارفهم. وكوني أعيش في لبنان، البلد المتنوع بطوائفه ومذاهبه التي لا تخلو أي منها من المتعصبين، بدأت أقتنع بأن التعصب صفة غير مرتبطة بدرجة التعليم ولا المستوى الاجتماعي، على الرغم من أن المتعلمين يميلون إلى إخفائها وعدم إظهارها بشكل جلي أو همجي. 

فإن ناقشنا مسألة تأصل هذه الصفة فينا من منطلق علم النفس، سنجد أن الآراء مختلفة ومتعددة ولم يتم التوصل إلى موقف موحد أبدا. ولكن كوني أميل إلى الاعتقاد بفطرة الإنسان الحسنة، ومن خلال شغفي بمراقبة ودراسة شخصيات من ألتقي بهم، كونت اعتقاد بأننا نولد بدرجة خفيفة من التعصب والنفور من أي شخص أو فكرة تختلف عن مبادئنا وقناعتنا، إلى أن هذا الميل إما أن يتعزز بفعل التربية والمحيط، أو أن يختفي من خلال مجهود شخصي لتعزيز القدرة على تقبل الاختلاف واحترام الإنسان بشكل غير مشروط.

فما هي آراؤكم، هل من الممكن أن نجد أشخاص غير متعصبين؟ هل تعاملتم مع أشخاص يمتلكون صفة التعصب؟