في الحقيقة هذا الإثبات قد يستطيع خريج الثانوية القيام به إذا كان درس الرياضيات جيداً وبشكل كافي، فكل ما ذُكر هنا من ربط الرياضيات بالعقيدة لم آخذه من أحد أبداً، وأنا أتحدى بهذا الملحدين.

إذا أتى ملحد فقال أن الكون وجد صدفة أي بدون موجد أو خالق، فنسأله سؤال : ما هي نهاية الدالة د(س) =أ/س عندما س تؤول إلى ما لا نهاية، حيث أ عدد ثابت يمثل أي عدد حقيقي ثابت محدود ( لا يساوي ما لا نهاية) ، فسيكون جوابه أن النهاية تساوي صفراً، فهذه هي النتيجة الصحيحة في علم الرياضيات فكل المختصين في هذا العلم وطلاب الثانوية ممن أتم دراسة النهايات يعلمون ذلك.

ثم نسأله سؤالاً آخر : افترض أن لديك ورقة، لو انقسمت إلى أربعة أجزاء وكلفنا محدود قدرة كشاب مثلاً أن يجمع هذه الأجزاء ككتلة واحدة مكومة (ليس بالضرورة أن تكون الورقة كما كانت تماماً) فلا شك أن هذا الفعل يسير، لكن كلما كان عدد الأجزاء أكبر كلما تعسر جمعها أكثر على الشاب، فلنمثل ذلك بالدالة السابقة فلنجعل عدد الأجزاء هو المتغير س (المقام) ، ولنجعل قدرة الشاب هو العدد الثابت أ (البسط) لتكون الدالة بالشكل : د(س) =أ/س، حيث أ عدد ثابت محدود، فالدالة تمثل قدرة الشاب بالنسبة لعدد الأجزاء، وحتى يستطيع جمع الأجزاء ككتلة واحدة يجب أن تكون له قدرة عليها أي يكون خارج القسمة له قيمة، فكلما كانت هذه القيمة أكبر كلما تيسر على الشاب جمع الأجزاء في كتلة واحدة والعكس صحيح.

إذاً نسأل الملحد السؤال الآخر : متى يتعذر على الشاب جمع أجزاء الورقة بحيث يعجز تماماً عن جمع الأجزاء في كتلة واحدة؟ أي ما هو العدد الذي تؤول إليه القيمة المتغيرة س عندما تكون نهاية الدالة التي تمثل الشاب وأجزاء الورقة تساوي صفراً؟

فسيجيب أن هذا العدد هو ما لا نهاية أي يعجز الشاب كل العجز عن جمع الورقة ككتلة واحدة عندما تنقسم الورقة إلى ما لا نهاية جزء، وهذا صحيح لأنه يعتبر صفر تماماً بالنسبة لهذا العدد اللانهائي لأجزاء الورقة أي أنه يمثل تماماً العدد صفر بالنسبة لجمع هذه الأجزاء في هذه الحالة.

ثم نسأله سؤالاً ثالثأ : أين الورقة عندما عجز الشاب كل العجز عن جمع أجزائها ككتلة واحدة؟ وماذا يسمى جمع هذه الأجزاء لانهائية العدد في كتلة واحدة؟ أي في حالة إذا اجتمعت هذه الأجزاء اللانهائية العدد ككتلة موحدة فمن أين أتت هذه الكتلة؟

فالجواب هو أن الورقة بانقسامها إلى عدد لا نهائي من الأجزاء أصبحت عدم لا وجود لها، وجمع هذه الأجزاء ككتلة موحدة هو إيجاد من العدم لأن هذه الكتلة أتت من العدم، وذلك الشاب يعجز عجزاً كلياً عن جمع هذه الأجزاء اللانهائية العدد ككتلة واحدة (أي إيجاد هذه الكتلة من العدم).

وإذا افترضنا أن هناك مخلوقاً له قدرة خارقة جداً وهائلة (فلنقدرها مثلاً بمليار) فهل يستطيع إرجاع الورقة بعد أن أصبحت عدماً؟ فنطبق هذا بإيجاد نهاية الدالة التي تمثل الشاب وأجزاء الورقة بوضع قدرة هذا المخلوق الهائل في البسط بدلاً من قدرة هذا الشاب لتكون الدالة بالشكل التالي : د(س)=1000000000/س، حيث س يمثل عدد أجزاء الورقة، فما هي نهاية الدالة عندما تؤول س إلى المالانهاية؟ لا شك أن النهاية تساوي صفراً، أي أن هذا المخلوق الهائل يعجز عن إيجاد هذه الورقة من العدم على شكل كتلة مكومة، وهكذا أي مخلوق محدود مهما كان هائلاً لأنه يمثل تماماً العدد صفر بالنسبة لعدد أجزاء الورقة اللانهائي.

إذاً من يستطيع إيجاد الورقة ولو على شكل كتلة مكومة بعد أن أصبحت عدماً؟ هل هو العدم كما يقول الملحدون؟ إذاً نهاية الدالة د(س) =0/س عندما تؤول س إلى المالا نهاية=عدد محدود له قيمة بخلاف ما صرح به ذلك الملحد عند إجابته على السؤال الأول!

إذاً لا يمكن أن يكون العدم له أدنى قدرة على إيجاد الورقة من العدم ولو على شكل كتلة مكومة (جمع الأجزاء اللا نهائية العدد ككتلة واحدة)

فإذا كان العدم وكل محدود لا يستطيع إيجاد الورقة من العدم ولو على شكل كتلة واحدة مكومة فمن يقدر على إيجاد هذه الورقة من العدم بعد أن كانت موجودة فأصبحت عدماً؟ أليس من المناسب لهذا الفعل فاعل غير محدود ذو قدرة غير محدودة نظراً لكون عدد الأجزاء التي انقسمت إليه الورقة غير محدود ولا نهائي؟

إذاً إيجاد الشيء من العدم مشروط بالضرورة وجود فاعل غير محدود، وإذا وُجد المشروط وُجد الشرط لا محالة، والآن يوجد الكثير والكثير من المخلوقات وجدت من العدم، إذاً تحقق الشرط لا محالة وهو وجود فاعل غير محدود.

وهل هو محدود في الإيجاب أم السلب؟ أي العدد اللائق به هل هو موجب ما لا نهاية أم سالب ما لا نهاية؟

في الحقيقة هذا السؤال باطل وغير صحيح، لأن العدد ما لا نهاية هو عدد معدوم الإشارة أصلاً أي هو عدد غير موجب وغير سالب بدليل أن العدد سالب ما لا نهاية =-(1÷0) = 1÷(-0) = 1÷0=ما لا نهاية، أي سالب مالانهاية = موجب ما لا نهاية.

قد يأتي شيطان الإنس أو شيطان الجن هنا فيقول : طالما أن العدد ما لا نهاية عدد معدوم الإشارة غير موجب ولا سالب فمعدوده غير المحدود ليس إيجابي ولا سلبي أي أن كلام المعطلة التي تعطل صفات الخالق صحيح.

يرد عليه بسؤال : أيهما أكبر : العدد +1000000000 أم العدد ما لا نهاية؟ لا شك أن الإجابة هي العدد ما لا نهاية لأن موجب مليار لا شيء بالنسبة للما لا نهاية، إذاً فالمالانهاية هي إيجاب لكن غير موجب (وكأن ذلك يشير إلى أن هناك إيجاب لا يشبه إيجاب)، إذاً فالخالق غير محدود في الإيجاب.

إذاً جميع الأشياء وُجدتْ من العدم بفاعل غير محدود في الإيجاب أي إله.

وهل يوجد مثله أيْ آخر غير محدود في الإيجاب؟ فإذا كان هذا واقعاً فقوتهما معا أو قدرتهما معا ليس كقدرة أو قوة أحدهما أي 2*ما لانهاية ≠ 1* ما لا نهاية فيشترط لوجود إلهين غير محدودين في الإيجاب صحة العلاقة الرياضية : 2*ما لا نهاية ≠ 1* ما لا نهاية أي 2÷0≠1÷0 أي (بضرب الطرفين في الوسطين) 0≠0، أي أن صحة القول بوجود إلهين مشروط بصحة العلاقة التالية : 0≠0، لكن المشروط لا يمكن أبداً تحققه وليس شيئاً منطقياً وليس شيئاً حقيقياً بل هو ليس بشيء أصلاً، إذاً وجود إلهين لا يمكن أبداً تحققه وليس شيئاً منطقياً وليس شيئاً حقيقياً بل هو ليس بشيء أصلاً.

وماذا إذا صح وجود إلهين اثنين أو غير محدودين في الإيجاب؟ إذا كان هذا واقعاً فقد تحقق الشرط وهو صحة العلاقة : 0≠0 (بضرب أي عدد موجب أو سالب في الطرفين) ينتج أن كل عدد محدود لا يساوي نفسه وبالتالي عدم صحة أي معادلة رياضية كانت أو فيزيائية وبالتالي عدم صحة أي نظام في الكون لأن المعادلات الفيزيائية هي تعبير رياضي لنظام معين في الكون، وعدم الصحة يعني الفساد أي فساد أي نظام في الكون، فمما سبق وجود إلهين أدى إلى فساد نظام الكون.

وإذا أردنا قياس نسبة الشبه بين شيئين فنسبة الشبه هو قسمة مقدار الأول على مقدار الثاني، فإذا كانا متماثلين تماماً فنسبة الشبه تساوي 1 أو 100%، وإذا اختلف الأول عن الثاني فكان الأول أقل عن الآخر مثلاً فنسبة الشبه أقل من 1 أو 100%.

فما هو مقدار الشبه بين الخالق غير المحدود والمخلوق المحدود؟ كم نسبة العدد المحدود إلى المالانهاية؟ لا شك أن الجواب هو لا شيء أي صفر تماماً. وأما كون هناك غير محدود آخر يمكن أن يماثل ويشبه الخالق فهذا - كما مر سابقاً - ليس حقيقة ولا يمكن وليس بشيء.

إذاً لا أحد يشبه الخالق ولا أدنى شبه فالشبه معدوم تماماً، ولا حتى المخلوقات الإيجابية التي اشتركت مع الخالق في أسماء الصفات فقط كالعلم والحكمة والرفق والرحمة فكل عدد موجب محدود هو صفر تماماً بالنسبة للمالانهاية، فكيف يكون عيسى هو ابن الله وهو محدود والشبه معدوم تماماً؟! هل يوجد ابن لا يشبه أباه أدنى شبه؟! لو تحقق ذلك فهو ليس ابنه قطعاً. وأما الاحتمال الثاني - ولا ثالث - هو أن عيسى غير محدود ولا يمكن أن يكون ذلك صحيحاً وإلّا فلتتحقق صحة العلاقة التالية : 0≠0.

وهل كان عيسى عليه السلام إلهاً غير محدوداً لكن تشكل على شكله الذي رآه الناس أي أصبح محدوداً؟!

فلو كان ذلك حقيقةً فالمحدود يمكن - قطعاً - أن يصير عدماً كما بدأ من العدم، إذاً لو صح أن عيسى كان إلهاً غير محدود فأصبح محدوداً فكل محدود يمكن أن يكون عدماً، إذاً يلزم من هذا القول الفاسد أن إلهاً غير محدود يمكن أن يصير عدماً وإذا كان هذا ممكن فليكن عكسه ممكناً أي يأتي من العدم إله ولا يُوجد شيئاً من العدم إلا الخالق غير المحدود أي يمكن أن يخلق الله إلهاً آخر من العدم فيصبح هناك إلهين فيشترط لذلك صحة العلاقة :0≠0، أي إمكان تحول العدم إلى محدود ثم غير محدود فليزم لذلك تحقق علاقة عدم التساوي الأخيرة، إذاً تحول العدم إلى غير محدود (وسيمر بحالة المحدودية قطعاً) ليس بحقيقة فلا يعد بعدد حقيقي بل بعدد تخيلي (الجذر التربيعي لـ -1)، فعكسه يعد بعدد يناظر العدد التخيلي السابق بحيث إذا جمعناهما معاً كان الناتج صفراً فما هو هذا العدد وليكن س؟

الجذر التربيعي للعدد -1 + س=0 يقتضي أن س= - الجذر التربيعي للعدد -1 وهذا عدد تخيلي إذاً معدوده وهو أن يتحول إله غير محدود إلى العدم (وسيمر بحالة اللا محدودية قطعاً) فهذا لا حقيقة، ومنه تحول إله غير محدود إلى كائن محدود فهذا لا حقيقة.

ورجوعاً إلى أجزاء الورقة والشاب فإن إعادة أجزاء الورقة ككتلة واحدة تعبر عنها المعادلة : عدد الأجزاء *حجم الجزء الواحد =حجم الكتلة الموحدة (نفترض أن عدد الأجزاء متساوية) حيث أن قدرة الفاعل إذا قلّت يُشترط أن تكافئ عدد الأجزاء على الأقل ليتم جمع الأجزاء، وإذا كان عدد الأجزاء لا نهائي فإن جمعها ككتلة مكومة واحدة (وهو إيجاد لهذه الكتلة من عدم) تمثله العلاقة : حجم الجزء الواحد *عدد الأجزاء = 0*مالانهاية =حجم الكتلة المكومة الموحدة والعلاقة السابقة تمثيل رياضي للإيجاد من العدم، وبالنظر إلى العلاقة جذر التربيعي للعدد -1*مالانهاية =ما لا نهاية (حيث أن المالا نهاية المضروبة بالعدد التخيلي هي عدد للفاعل غير المحدود والذي لا يوجد من العدم إلا هو، فالناتج لا يساوي إلا مالانهاية فتطبيق ذلك أن اللاشيء أو اللاحقيقة إذا تحولت إلى حقيقة فلا تتحول إلا إلى غير محدود آخر ويشترط لذلك تحقق العلاقة :0≠0، إذاً لا يتحول الاشيء إلى حقيقة ولو عن طريق فاعل غير محدود في الإيجاب (الإله الخالق) أي أن قدرة الله لا تتعلق بالمستحيل لذاته، فقدرة الفاعل هي مدى تحقيقه للأشياء فلا علاقة للاشيء بالقدرة أصلاً.

وإذا كان لهذا الخالق خالق فلابد أن يكون هذا الخالق غير محدود في الإيجاب لأن الإيجاد من العدم يشترط له فاعل غير محدود، لكن الله موجود يقيناً فلا يمكن أن يكون له خالق (وهو إن كان موجوداً فهو غير محدود) لأنه لا يمكن وجود غير محدودين وإلا فلتتحقق صحة العلاقة : 0≠0، أي أن صحة وجود خالق لله مشروطة بصحة العلاقة الأخيرة السابقة، وإذا استدل الملحدون لإثبات صحة أن لله خالق وذلك بالاستناد إلى وجود صانع لكل مصنوع فهذا استدلال باطل فإذا وجد لكل مصنوع صانع فلا يلزم أن يكون للخالق مُوجد لأن الشبه معدوم تماماً بين الخالق وكل مصنوع ومخلوق.

ماذا يعني في الواقع : عدد محدود *2 = الضعف؟

من تطبيق ذلك في الواقع أن الشيء إذا شغل حيزين من المكان فهو يتضاعف وإذا لم يشغل حيزاً من المكان فهو ليس موجوداً لأن عدد محدود*0 =0 فالناتج يعني أن صاحب هذا العدد المحدود غير موجود.

فما هو ناتج العملية التالية : ما لا نهاية *0؟

المعلوم يقيناً أن 0÷ ما لا نهاية =0، وبقلب طرفي المعادلة بحيث يصبح المقام بسط والبسط مقام فالعملية السابقة الأخيرة تؤول إلى الشكل : ما لا نهاية ÷0=ما لا نهاية، وبضرب طرفي المعادلة الأخيرة في وسطيها فالمعادلة تأخذ الشكل التالي : ما لا نهاية *0=ما لا نهاية، وهي تحاكي أن الخالق إذا كان ليس موجوداً في المكان فليس هو غير موجود بالضرورة بل هو موجود في غير المكان وبقدره (غير محدود في الإيجاب).

وطالما أن الخالق أوجد كل صفة إيجابية (ويستطيع أن يوجد الأدنى بالضرورة وهي كل صفة سلبية) فهو متصف بهذه الصفة بالضرورة مع انتفاء الشبه، أي أن الخالق له الصفات الإيجابية مع انتفاء الشبه تماماً بحيث يكون غير محدود فيها لأنه غير محدود وبحيث يعجز العقل تماماً إدراكها أو الإحاطة بها لأن هذا العقل المحدود هو صفر تماماً بالنسبة للخالق غير المحدود.

فطالما أن هناك صفات إيجابية مخلوقة نراها في الكون كالعلم والقدرة والرحمة والحكمة والعزة والجمال فخالقها عليم وقدير وحكيم وعزيز ورحيم بحيث يكون له الكمال المطلق في هذه الصفات وكل صفة إيجابية لأنه غير محدود وبحيث لا يشبه فيها أي أحد أدنى شبه ولا يستطيع عقل الإحاطة بها، وهو - أي الخالق - موجود في اللامكان.

إنه الله جل جلاله.