غالبا ما يميل الناس إلى فعل أمور معيّنة ذات طبيعة محددة في أوقات خاصة مرتبطة بمزاجهم، كالضحك الصادق وقت السعادة، أو البكاء في الحزن ومظاهر أخرى كلها مرتبطة بالحالة العاطفية للشخص. وقد لاحظت أن الناس وعندما يحزنون يقومون بالاستماع إلى الأغاني الحزينة ومشاهدة ما هو حزين على النت كنوع من المازوخية التي توجد في داخل كل فرد بنسة معيّنة.

ولعل أبشع طرق الاستغلال التي شاهدتها على اليوتيوب هي ظاهرة المتاجرة بأحزان الآخرين والربح على حساب زيادة تعاستهم. وقد انتشرت عشرات إن لم نقل مئات الصفحات على اليوتيوب ومثلها على الفيسبوك وتويتر ومواقع أخرى تروّج لمقاطع حزينة من أفلام معينة، ولأن حياة الناس مليئة بالحزن كثيرا، فإن مثل هذه القنوات والصفحات تلقى جمهورا واسعا، فتجد أصغر الفديوهات التي لا تصل دقيقة واحدة تحصد ملايين المشاهدات، وآخرون يحرصون على التأكيد على كلمة "فيديو حزين، أو يقطّع القلب...إلخ" لجذب الشخص الحزين أصلا إلى مثل تلك الأفخاخ اللإنسانيّة.

ألم يفكر صاحب القناة المروّج للحزن أن فيديو صغير واحد منه قد يكون القطرة التي تفيض الكأس وتدفع شخصا ما في مكان ما من العالم إلى الإنتحار ؟، لماذا لا يتعبون على محتوى مشجّع بدل محتوى يوّرج للحزن وللبقاء فيه إلى الأبد ؟. ألهذه الدرجة وصلت حمّة المشاهدات والإعجابات، إلى درجة دفع شخص يائس ما في العالم إلى اليأس أكثر من مشاكله ؟.

وقد انتشرت فيديوهات تحتى مسمى "حالات واتساب" كالنار في الهشيم، إلى درجة أن كتابة حرف "ح" وحده في مربع البحث في يوتيوب كفيل بجعل المنصة تقترح عليك "حالات واتساب" والتي تُشاهد بالملايين. حتى أن أبسط المشاهد التي لا معنى عميق لها يتم تحويلها إلى أكثر مشهد مؤلم في العالم بفعل المؤثرات والموسيقى التركيّة، وكل هذا الجهد في المونتاج ينصب في المشاركة بمثل هذه الفيديوهات السامّة عاطفيّا. إلى أين وصل البشري بأنانيته ؟.

ما رأيكم في هذه الظاهرة ؟